طفلتي مينا البصل .. جملة تم تداولها على نطاق واسع بعد وفاة شقيقتين في ثاني أيام العام الدراسي، بعد تلقيهما علاجًا خاطئًا بإحدى الصيدليات بالإسكندرية.
عادت طفلتي مينا البصل من مدرستهما عصر يوم الاثنين، لتشعر والدتهما أن الإعياء أصاب ابنتيها نتيجة تغيير الفصول، لترسلهما إلى الصيدلية المجاورة للمنزل لشراء علاج.
بفستانيهما الملونة وأيديهما المتشابكة، كانت الطفلتان في الشارع في طريقهما للصيدلية تدندنان بالأغاني الطفولية المرحة، ولكن «ملك الموت»، كان يحلق فوق رؤوسهما.
دخلت الفتاتان إلى الصيدلية وكانت في انتظارهما سيدة أربعينية؛ لتمرر إحداهما، ورقة بيضاء مطوية مدون عليها اسم دواء، لترتسم ابتسامة على وجه الصيدلانية وتردد: «للأسف الدوا ناقص.. بس فيه بديل».
طلبت الصيدلانية من إحدى العاملات إعطاء طفلتي مينا البصل الحقنة البديلة، لتنصاع العاملة لأوامرها دون إجراء اختبار حساسية للفتاتين اللتين ظهرت حبات العرق الباردة على جبهتهما فور أخذ العلاج.
في طريق عودة الطفلتان إلى المنزل أصابهما الدوار والإرهاق الشديد، وشاهدتهما الأم خلال صعودهما سلم العقار في صعوبة؛ ويبث الخوف في قلبها ولكنها تطمئن نفسها بأن تلك هي الآثار الجانبية للدواء، ولكن لم تمض سوى دقائق وبدأ الكابوس.
أصيبت الفتاتان بالقيء والتعب الشديد، لتنقلهما الأم إلى المستشفى في الحال، وتفجع بعد مشاهدتها لابنتيها تلفظان أنفاسهما الأخيرة أمامها لتنهار باكية بعد فقدانها «سجدة»، صاحبة الـ 5 سنوات، و«إيمان» صاحبة الـ 7 سنوات.
قررت الأم المكلومة تحرير محضر ضد الصيدلانية التي أعطت ابنتيها الحقنة القاتلة التي أودت بحياتهما، ليأمر النائب العام بعدها بدقائق بحجز الصيدلانية، وحبس عامليْن لديها أربعة أيام احتياطيًّا على ذمة التحقيقات.
ووجهت النيابة العامة للعاملين تهمة مزاولة مهنة الصيدلة بغير ترخيص، واتهام الأولى بالسماح لهما بذلك، فضلًا عن اتهام العاملة بإعطاء طفلتي مينا البصل عقارًا تسبب في وفاتهما.
وورد بلاغ إلى النيابة العامة من والدة الطفلتين المجني عليهما مفاده وفاة ابنتيها على إثر تلقيهما عقارًا بالصيدلية، متهمةً صاحبةَ الصيدلية والعاملةَ بها بالتسبب في وفاتهما، فباشرت النيابة العامة التحقيقات، وبسؤال المبلِّغة شهدتْ أنَّ الصيدلانية المتهمة وصفت عقارًا بديلا للمدون بروشتة علاج إحدى الطفلتين، فحاولت البحث عن العلاج الأصيل فلم تجده، فاضطرت للعودة إلى الصيدلية لتلقي ابنتها العلاج البديل، وهناك وجدت عاملة حقنت ابنتيها بالعقاقير دون إجراء اختبار لهما قبل الحقن، فشعرتا بإعياءٍ شديدٍ نُقلتا على إثره للمستشفى حيث توفيتا.
وعلى هذا استجوبت النيابة العامة المتهمين، واتخذت حزمةً من الإجراءات لاستجلاء الحقيقة، منها التحفظ على الصيدلية وتفتيشها، وندب لجنة مختصة لمراجعة تراخيصها، وفحص ما بها من عقاقير، وجارٍ استكمال التحقيقات.