في المواقف الصعبة تظهر المعادن الحقيقية للرجال ومثال ذلك ما فعله عبدالحميد مدين الشهير ب “اللول” صاحب ال24 سنة والذي ضحى بحياته لإنقاذ جيرانه في حريق نشب في عقار مجاور لمحل جزارة بمنطقة محرم بك، وسط الإسكندرية، والذي يعمل فيه فتحول إلى أيقونة للشجاعة ورمز لمحبة الجار والتضحية لإنقاذه.
ولم يتمكن عبدالحميد، من الانتظار أثناء الحريق الذي امتدت نيرانه إلى السماء ووسط ارتفاع أصوات صراخ الأطفال قرر فورا الصعود إلى المبنى المشتعل وإنقاذ جيرانه من خطر الموت حرقا فاقتحم المكان بعد أن قال الشهادة أمام الجميع ولم يفكر في زوجته التي لم يمر على زواجه بها سوى شهر واحد فقط حيث لم يرى أمامه سوى واجب إنقاذ حياة أطفال ونساء علت أصواتهم بكلمة واحدة فقط “الحقونا” فاقتنع تماما أن الكلمة موجهه إليه وتوجه فورا إليهم ليلقى مصرعه مختنقا بعد أن أنقذ عددا من الأطفال ولم يحالفه الحظ أن ينقذه المسعفون الذين عثروا عليه بجوار أحد البلكونات وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة قائلا لجيرانه الذين شهدوا بطولته وهو يحتضر “ابقوا ادعولي”.
وأكد محمد أنور، أحد الجيران، أن عبد الحميد من أجدع الشباب بالمنطقة وأنه دائما كان يخدم الجميع وسيرته طيبة مشيرا إلى أن زفافه كان منذ شهر تقريبا وأنه مازال عريسا بحد وصفه، وأنه وجه دعوات لجميع الجيران للاحتفال بزفافه وكان يومها سعيدا جدا بعدد المحتفلين به وكان يردد “نردهلكم في الأفراح يا حبايبي”، لافتا إلى أنه يوم زفافه تحدث معه وأخبره أن هذا اليوم هو أسعد أيام حياته وقال له “بشكر ربنا على كل نعمة معايا وحب الناس لي”.
وقالت سميرة إبراهيم، إحدى الجارات: “آخر لحظة شاهدت فيها عبدالحميد أثناء اقتحامه العقار وهو يقول بصوت عالي، العيال كلهم فوق لازم ألحقهم قبل ما يجرالهم حاجة”.
وأوضحت أنه صعد لينزلهم وتمكن من ذلك ولكنه تأخر عندما صعد مرة أخرى ليحضر والدتهم التي ساعدها على النزول ولكنه اختفى بعد تلك اللحظة ليجدوه بعد إخماد الحريق والإسعاف تنقله معلنين وفاته.
هذا وتحول الشارع إلى مخيم للحزن وسرادق عزاء ممتلئ بعد أن فقد الأهالي خيرة شبابهم أثناء محاولته إنقاذ الأطفال في حريق كان يلتهم عددا من العقارات بالشارع ولكن كان القدر رحيما حيث جرى إنقاذ الأطفال فيما رحل عبدالحميد الشهير باللول وتبقى ذكراه ليتحاكى عنها الأهالي لسنوات قادمة.