الإثنين 16 سبتمبر 2024
الايام المصرية
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى

أثناء متابعتي للأحداث في غزة، وفور إعلان قناة 12 الإسرائيلية، نبأ بدء الجيش الإسرائيلي، في تحقيقات السابع من أكتوبر 2023، حدثت نفسي بجملة "وكأن التاريخ يعيد نفسه من جديد"، وما أشبه اليوم بالبارحة.

وعادت بي الذكريات إلى ما يقرب من 50 عامًا، وبالتحديد في شهر نوفمبر عام 1973، عقب الهزيمة الموجعة التي منيت بها إسرائيل، في حرب السادس من أكتوبر عام 1973، الموافق العاشر من رمضان 1393هـ، عندما بدأت إسرائيل فى تشكيل لجنة تقصي الحقائق، برئاسة رئيس قضاة المحكمة الإسرائيلية العليا آنذاك، "شيمون أجرانات"، ولذلك أطلق على اسم اللجنة لجنة "أجرانات"، في حين أطلقت عليها الصحف المعارضة الإسرائيلية، "لجنة التقصير"، وطالبت الصحف بكشف أسماء المقصرين فى حرب أكتوبر 1973، والمتسببين فى هزيمة إسرائيل.

وصدر التقرير الأول من اللجنة وقتها، والمكون من 40 صفحة بعد مدة ستة أشهر، ثم جاء التقرير الثاني في يوليو 1974، والمتضمن 423 صفحةً، تحمل درجة "سري للغاية"، حتى إنه لم يُعرض على مجلس الوزراء الإسرائيلي، وفى يناير 1975 أصدرت اللجنة تقريرها النهائي، وتم حظر نشره، وقد تمثلت أبرز وأهم قرارات لجنة "أجرانات" الأولى فور إجراء التحقيق، فى عزل رئيس الأركان الإسرائيلي ديفيد إليعازر من منصبه، والتوصية بعدم توليه أي مناصب أخرى، وكذلك إقالة مديرى المخابرات العامة والحربية في ذلك الوقت.

وها نحن اليوم، نرى السيناريو يتكرر مرة أخرى، فلم تكن القوات الإسرائيلية قد أنهت القتال فى قطاع غزة، ومازال القصف مستمرًا حتى الآن، ليتم الإعلان عن قيام الجيش الإسرائيلي وليس الحكومة الإسرائيلية، بالتحقيق فى أحداث 7 أكتوبر 2023م.

وفى التقرير الذي أذاعته القناة 12 الإسرائيلية، تم الحديث عن قيام الجيش الإسرائيلي، بتشكيل لجان تحقيق للأحداث، دون تحديد عدد هذه اللجان أو أعضائها، ولكنها أكدت أن رئيس الأركان الإسرائيلي السابق، "شاؤول موفاز" ومعه الرئيس السابق لوكالة الأمن القومي الإسرائيلي "إزائيف بركاش"، والقائد السابق لقيادة الجيش الجنوبي "سامي الجمال"، من بين أعضاء تلك اللجان، وأضاف التقرير أن هذا القرار للجيش الإسرائيلي، جاء بعد 90 يومًا من بدء القتال يوم 7 أكتوبر 2023، وعلى هذه اللجنة التحقيق فى أسباب حدوث هذه الحرب، ثم مساءلة جميع المقصرين فى كل مراحل القتال.

وجاء قرار تشكيل هذه اللجنة، وسط موجة من الانتقادات الواسعة والغضب، تسود الشارع الإسرائيلي نحو رئيس الوزراء الإسرائيلي "نتنياهو"، بسبب فشله فى التعامل مع أحداث السابع من أكتوبر، بداية من الفشل فى التنبؤ المسبق بالهجوم، الذي شنته الفصائل الفلسطينية، على مستوطنات غلاف غزة الخارجي، وسوء إدارته لقضية الرهائن الإسرائيليين، لدى فصائل المقاومة، واتهام أسر الرهائن لـ "نتنياهو" رئيس الوزراء، بالإخفاق فى تحريرهم بالقوة العسكرية، ورفضه إقامة هدنة لتبادل الرهائن، مع سجناء فلسطينيين من سجون إسرائيل، الأمر الذى أبرز تساؤلات بين الشارع الإسرائيلى: "هل أرواح ذوينا لا تساوى الإفراج عن بعض المساجين الفلسطينيين فى السجون الإسرائيلية؟!".

ومن الأمور التى تزيد الموقف اشتعالًا، فى الشارع الإسرائيلي، ارتفاع عدد الجنود الإسرائيليين، الذين أُصيبوا بإعاقات مستديمة، جراء المشاركة فى الحرب، والذين وصل عددهم، وفقًا لصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، إلى أكثر من 20% من عدد المصابين، وأشارت الصحيفة إلى أن شعبة إعادة التأهيل، تعالج حوالي 6 آلاف معاق من جرحى الحروب الإسرائيلية خلال الفترة السابقة.

وأما بالنسبة للجان المشكلة للتحقيق فى الحرب، فيدور الحديث فى كواليس الإعلام الإسرائيلي، عن عدة قضايا رئيسية، أولاها فشل عناصر الاستخبارات الإسرائيلية الثلاثة الموساد، وجهاز المخابرات العامة، وجهاز الشاباك، وهو المسؤول عن الأمن الداخلى الإسرائيلى، والمسؤول عن متابعة المنظمات الفلسطينية، ثم جهاز أمان، وهو يعني المخابرات الحربية الإسرائيلية، فى تحديد واكتشاف يوم الهجوم 7 أكتوبر.

أما الأمر الثاني المهم، المنوطة به اللجنة فهو التحقيق، فى كيفية عدم قدرة الأجهزة الأمنية فى إسرائيل، على اكتشاف الأنفاق، التي تقوم بصنعها حماس منذ أكثر من 10 سنوات، خاصة أن تلك الأنفاق، كانت أحد أسباب تكبد إسرائيل، خسائر كبيرة أثناء مهاجمتها مدن غزة.

أما القضية الثالثة فتمثلت فى عدم قدرة المنظمات الإسرائيلية على متابعة الطائرات الشراعية، التى عبرت بها عناصر المقاومة الفلسطينية بمنتهى البساطة السور الحديدى الذى أنشأته إسرائيل بمبلغ مليار دولار.

وقد تمثلت القضية الأخرى المهمة فى عدم قدرة عناصر المخابرات الإسرائيلية الثلاثة على اكتشاف التدريبات التى قامت بها قوات حماس قبل تنفيذ الهجوم، والتى يعتقد الجميع أنها استغرقت مدة لا تقل عن ستة شهور. كل هذه الأحداث فشلت فى التعامل معها الاستخبارات الإسرائيلية بأفرعها الثلاثة، علاوة على المهام العادية مثل صواريخ القسام وسجيل وغيرها من صواريخ المقاومة، التى تتم صناعتها وتطويرها فى ورش داخل قطاع غزة، دون التعامل معها من الجانب الإسرائيلى.

أما رئاسة الأركان الإسرائيلية فستتم محاسبتها عن التأخير فى الرد على احتلال حماس للمستوطنات الإسرائيلية الثلاث التى فى غلاف غزة، وكيف تم أسر الرهائن من هذه المستوطنات ونقلهم إلى غزة دون أى تدخل من القوات الإسرائيلية أو حتى القوات الجوية، وخصوصًا أن التدخل الفعلى للقوات الإسرائيلية جاء بعد ثلاثة أيام من الهجوم، حتى إن بعض الصحف الإسرائيلية رسمت «كاريكاتير» تقول فيه إن رئاسة الأركان المسؤولة عن إدارة الحرب كانت فى إجازة، ولم تستطع قطع الإجازة والعودة لمقاتلة المقاومة الفلسطينية.

وبالنسبة لكل من نتنياهو ورئيس الأركان الحالى فالجميع يعتبرهما المسؤولين الرئيسيين عن كل التقصير الذى حدث يوم 7 أكتوبر، والحقيقة أننى أتوقع أن يتكرر السيناريو ذاته الذى حدث بعد أكتوبر 73، لينتهى الأمر بعد توقف القتال بعزل نتنياهو من منصبه، الأمر الذى سينتهى به فى السجن لتنفيذ الأحكام فى ثلاث قضايا فساد متهم بها من قبل، كذلك سيتم عزل رئيس الأركان ورؤساء المخابرات الثلاثة الموساد والشاباك وأمان، والتوصية بعدم حصولهم على أى وظائف أخرى. وهكذا، فإن التاريخ يُعيد نفسه، فبعد إنهاء حرب أكتوبر 73 لأسطورة الجيش الإسرائيلى، جاءت أحداث 7 أكتوبر لتؤكد انتهاء الأسطورة، للمرة الثانية، ولكن هذه المرة بأيدى رجال المقاومة الفلسطينية الأحرار.

موقع الأيام المصرية، يقدم لكم تغطية شامل ومتنوعة لكافة الأخبار والأحداث المحلية والعالمية، فى شتى المجالات، السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، الرياضية، الفنية، ونرصد لكم الخدمات الهامة سعر الذهب، سعر الفضة، سعر اليورو، سعر الدولار، سعر الدينار الكويتي، سعر الريال السعودي.

تم نسخ الرابط