الإثنين 16 سبتمبر 2024
الايام المصرية
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى

 أمهاتنا الريفيات، البنت الرقمية نموذج بشري ينتشر في هذا الزمن، تحمل في يدها هاتفها، وتعيش معه ليل نهار، تتعلم منه، وتتربى منه، وتأكل وتشرب وتلبس منه، تعيش في واقع افتراضي خيالي، من وهم برامج التواصل المزيِّفة، ولا تجد لها فعلا واقعيًا، لا يخدمن أنفسهن فضلا عن غيرهن، ولا تجدها مؤهلة لبناء أسرة! ومن ثم لا غرابة في هذا الكم الكبير من الفشل في الزيجات الحديثة! 

 أمهاتنا الريفيات، إلى البنات الرقميات !

إلى هؤلاء الرقميات المغيبات أقدم نموذج أمهاتنا الريفيات، بنات الأربعينيات من القرن العشرين، خريجة مدرسة الريف المصري المنتج العريق، ليست مثقفة، وليست حاصلة على دورات الجودة والتنمية المستدامة، ولا شهادة الاقتصاد المنزلي، ولا على دبلوم تربوي، ولا على مهارات تخاطب مختلفة، ولا برامج مكثفة في الحياة الأسرية.
إنها امرأة مسلمة مصرية ريفية أمية بسيطة العقل واللسان والنفس، لا قدرة لها على التصنع أو التكلف، خرجت من بيئة البسطاء، و تعلمت تعليمهم الحياتي، عاشت معهم، و تعيش معهم، وتتنقل بينهم، تزوجت زواجًا بسيطًا في الاختيار، اختار الله لها زوجا مثلها ريفية وبساطة، من بيئة مطحونة، انتقلا في الحياة من حال إلى حال، ومن فترة زمنية إلى أخرى، تعاملا مع الحياة كما هي، لم يضجرا، ولم يشكوا، ولم يتصارعا، ثبتًا ولم ينحدرا، بفضل فطرتهما وإيمانهما، إيمان العوام، فعاشا معا عيشة زوجية خالدة هانئة مدة ثلاث و خمسين سنة، عاشا كل مرحلة فيها بما يناسبها، تمتعا بكل مرحلة فيها، وواجها صعوبات كل مرحلة بصبر وطمأنينة.
كافحت مع زوجها في تربية جملة أولاد:  بنين وبنات، ظلت طول عمرها، مع زوجها في كفاح مستمر، تنتقل من مواجهة تحد إلى تحد آخر، ومن محاولة حل مشكلة إلى حل مشكلة أخرى.
زوجها طول اليوم خارج البيت في عمل واسترزاق، وهي في البيت نحلة حينا تخرج كل حلو، ونملة حينا تجمع كل ما يدخر ويقتات، وتتابع فلذات أكبادها، تحرص على تعليمهم التعليم المناسب، في الأولاد تعودهم على كسب العيش، بكل عمل شريف مهما كان شاقا، فتنتقل بهم من عمل إلى عمل، مهما كان!  ليساعدوا في مسيرة البيت والعائلة، ولتخرج منهما الإنسان السوي العملي المكافح، لا ذلك الكسول الملول  المعوق  العالة على الآخرين،  وفي البنات تعلمهن، بكل قسوة وحدة، كل أشغال البيت من تنظيف، وطبخ، وترتيب وهي مع هذا تقدم لهم ولهن في التعليم، وتشجعهم وتشجعهن على التعليم بكلماتها القليلة البسيطة.
و هي مع جيرانها طيبة ونافعة، ومعينة، ومستعينة، تنتج في بيتها طعامها وشرابها الطبيعي من الحيوانات المربيات في الزرائب الملحقة ببيوتنا  العتيقة، و هي كريمة مضيافة تجيد استقبال الضيوف والزوار الاستقبال الطيب السعيد، تفرح للآخرين وتفرحهم تعمل بالمتاح وتحافظ عليه وتطوره، تشرف بناتها عند أهل أزواجهن، و تحتوي زوجات أولادها، فأنتجت المهندسين والأطباء والمعلمين والمربين.

موقع الأيام المصرية، يقدم لكم تغطية شامل ومتنوعة لكافة الأخبار والأحداث المحلية والعالمية، فى شتى المجالات، السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، الرياضية، الفنية، ونرصد لكم الخدمات الهامة سعر الذهب، سعر الفضة، سعر اليورو، سعر الدولار، سعر الدينار الكويتي، سعر الريال السعودي.

تم نسخ الرابط