الإثنين 16 سبتمبر 2024
الايام المصرية
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى

إلى متى سيظل العرب مستهلكين لعلوم وتكنولوجيا الفضاء؟ (تحقيق)

تكنولوجيا الفضاء
تكنولوجيا الفضاء

علم الفلك وتكنولوجيا الفضاء هو أحد أهم العلوم التي برع فيها العرب والمصريين على مر الزمان والعصور، حيث ألف علماء المسلمين والمصريين الكتب والمجلدات ووضعوا الفروض والنظريات حتى ارتقوا بالذوق العام ونشروا ثقافة الفضاء ودراسة علم الفلك في كل بقاع الأرض.

 وإن فتشت في كتب التاريخ ستجد أن العالم العربي المسلم والمصري كان من الممكن أن يبرع ويلمع نجمه في أي فرع من فروع العلوم الأخرى إضافة إلى علم الفلك، وستجد أيضًا بأنهم كان لهم الفضل الأكبر في توطين ونشر ثقافة وتكنولوجيا الفضاء وكانوا ملهمين لكثير من الطلاب والباحثين حول العالم.

تكنولوجيا الفضاء

فعلى مر التاريخ كان لمساهمة العلماء العرب والمسلمين في تطوير المعارف العلمية في أوروبا باع كبير وتاريخ حافل، حيث كانت تسير المعارف العلمية جنبًا إلى جنب مع العلوم النظرية، فالعرب هم من صنعوا الصابون لأول مرة، وهم من أدخلوا السكر المصنوع من القصب في أوروبا.

 ولم تعرف أوروبا الورق إلا عن طريقهم، وقد برعوا في كثير من الصناعات القائمة على الكيمياء، فاستخرجوا الذهب بطرق الغسل، وصنعوا الصلب، واستخلصوا العطور بتقطير الورد، وصنعوا أنواع الحبر والأصباغ، وكانت لهم أبحاث عظيمة في مجال الزراعة والفلك والرياضيات والاجتماع.

 كما كان لهم أثر بالغ وواسع المدى خلال العصر الوسيط، في كل ما يتصل بالصناعة والزراعة والبناء ومظاهر الحياة اليومية في أوروبا على حد ما ذكره الدكتور عبدالرحمن بدوي في كتابه «دور العرب في تكوين الفكر الأوروبي».

 الدكتور عبدالرحمن بدوي

تساؤلات هامة

لكن لماذا تخلّف العرب؟، لماذا تراجعت ثقافة الفضاء والفلك داخل المجتمعات العربية؟، لماذا إذا قلت لأحدهم بأنك تعمل في مجال الفضاء تنهال عليك السخرية والضحكات من كل مكان قائلين لك (الصاروخ بتاعك هينطلق امتا)؟!

 لما وصل الحال بأهل العلم إلى هذا التدني والانحدار؟، لعل الإجابة تكمن في ما قاله بعض الباحثين من أن هناك أسبابًا اجتماعية واقتصادية وثقافية وسياسية وراء تأخر العرب.

 علاوة على ذلك هناك أسباب تتعلق بالاستعمار والاحتلال والنزاعات الإقليمية، ومن هذا المنطلق رصد موقع الأيام المصرية آراء بعض المختصين حول تلك القضية فأجابوا على النحو التالي:

أسباب تأخر العرب في مجال علوم وتكنولوجيا الفضاء

فعند سؤال الدكتور محمد القوصي الرئيس التنفيذي السابق لوكالة الفضاء المصرية، أجاب بأن السبب يرجع إلى أن تكنولوجيا الفضاء تكنولوجيا حديثة على المجتمعات العربية إذا كنا نفترض أنها في مصر من 20 عامًا فهذه العشرين عامًا ليست هي الفترة الممتدة في الزمان، و بالتالي هذه نقطة أخرى فالإنسان عدو ما يجهله.

الدكتور محمد القوصي

 فعندما يجهل الفرد شيئًا ما فهو يبتعد عنه ويكون بالنسبة للشخص هذا الشيء عدو له ولن يحاول حتى الاقتراب منه لأنه يجهله، فكون أن الناس تجهل هذه التكنولوجيا فهي تبتعد عنها بعكس كرة القدم مثلًا فالناس مقبلة عليها لأنها تعلم ما هي كرة القدم، الأمر لا يتعلق بمجال الفضاء وحده فهناك رياضات الانتشار لديها قليل مثل رياضة الشيش ليست منتشرة مثل كرة القدم وهكذا.

ويرى الدكتور أحمد عبدالبر مدير مركز الأزهر العالمي للفلك الشرعي وعلوم الفضاء، أن السر وراء تراجع ثقافة الفضاء داخل المجتمعات العربية بشكل عام ومجتمعنا المصري بشكل خاص، يرجع إلى أن التنشئة الاجتماعية لدى الفرد العربي يعتريها بعض القصور.

الدكتور أحمد عبدالبر 

 فكل أسرة تتمنى أن يصبح ابنها طيبًا أو مهندسًا ولا نجد لدينا ما يهدف لأن يكون ابنه رائد فضاء، فلا يوجد توطين ولا غرس لقيم وثقافة الفضاء لدى النشء لذا نجد أن الحالة الثقافية لديهم ليست على المستوى المطلوب.

رأي الدكتور زويل في القضية

ذكر الراحل الدكتور أحمد زويل في كتابه «عصر العلم» أنه رغم بعض المحاولات العربية لإنشاء هياكل ارتكاز لصناعة وطنية متقدمة، فإن تلك المحاولات لم تصل إلى المستوى المطلوب، فالأمر إذن من وجهة نظره لا يعود لأسباب جينية أو وراثية، فقد سبق للعرب أن حققوا أعظم المنجزات وتصدروا صفحات التاريخ في كل العلوم.

 وعندما يهاجر العربي إلى أي دولة من الدول المتقدمة ويجد بيئة ملائمة لتحفيز طاقاته الإبداعية نجده يتفوق في مجاله، والدليل على ذلك الدكتور زويل نفسه و الذي حصل على جائزة “نوبل”، وعندما سأله أحد أساتذة الفلسفة مازحًا؛ كيف تفوقت في أميركا رغم «جيناتك المتخلفة».

 الدكتور أحمد زويل

 أجاب: جيناتي هي الجينات العظيمة التي كانت لدى أجدادي الفراعنة، لكن أميركا أعطتني الفرصة والتقدير، وهما أمران مضمونان للجميع هناك.

ويرى الدكتور زويل أن أسباب التأخر العربي في كل المجالات وعلى رأسهم مجال الفضاء، تكمن في الآتي: أولًا: افتقار العالم العربي للقاعدة العلمية، ثانيًا: افتقاره لنظام واقعي واضح يلبي الاحتياجات والرغبات داخل المجتمع.

 ثالثًا: التأخر في إصلاح التعليم وتحويله من تلقين الطفل إلى تعليمه كيفية تشغيل عقله، رابعًا: الفشل في القضاء على الأمية أو تخفيض نسبتها، خامسًا: غياب الاهتمام بتوفير قاعدة علمية للبحث والتطوير بفاعلية ونقص ميزانية البحث العلمي لدى معظم الدول.

 سادسًا: نقص الحرية السياسية والفكرة لدى بعض الدول، سابعًا: غياب المراكز البحثية العلمية المتخصصة، ثامنًا: التلكؤ في إعادة هيكلة البحث العلمي، وأخيرًا: سرقة المجهود العلمي للأفراد ونسبة إلى آخرين بغرض جني المال.

ولعل النقطة المهمة و التي يجب التوقف عندها كثيرًا، هي «الشراكات العلمية» و التي تلعب دورًا مؤثرًا في تحفيز الإبداع وتطوير البحث العلمي، وحماية المجالات البحثية العلمية من آفات التكرار والانتحال والتقليد.

 وذلك لأن تداعيات تلك المسألة خطيرة جدًا وتؤثر بشكل كبير ومباشر على نهوض الدول ومستقبلها ومستقبل الأجيال القادمة، فالبحث العلمي هو الطريق الأمثل للنهوض بأي دولة مهما كانت درجة تأخرها.

تكنولوجيا الفضاء

الحلول المقترحة

لابد من تكثيف الجهود لمواجهة السرقات العلمية والبحثية بغرض حماية مصداقية المخرجات الأكاديمية وصيانة البحوث العلمية من التزييف، ونسبة المنتج العلمي والجهد الفكري إلى أصحابه.

 وذلك لأن ارتفاع مستوى الجهل في صفوف حملة الشهادات العليا وقلة مردوديتهم العلمية وعجزهم عن تقديم أي منتج فكري، ينعكس بشكل سلبي على المجتمع وعلى قيم التحليل لدى أفراده، ويتحول معظم الأفراد إلى مستهلكين للمعرفة من دون بذل جهد من أجل تطويرها وإعادة إنتاجها وفق أسس علمية ومنهجية صحيحة.

 ويجب على الدول بذل المزيد من الجهود لنشر وتوطين ثقافة الفضاء لديهم، والعمل على إيجاد حلول فعالة لمحو الأمية الفضائية و التي أصابت المتعلمين قبل الأميين، وهذا لن يتحقق إلا إذا تعاونت كل القوى والفئات المختلفة في الوطن الواحد من أجل رفع ثقافة الفضاء وتوطين التكنولوجيا الحديثة داخل المجتمع.

لكن يجب الإشارة في نهاية الحديث إلى دور الدولة المصرية البارز في تعزيز ونشر ثقافة تكنولوجيا الفضاء داخل المجتمع المصري، وذلك منذ عام 2018 العام الذي أصدر فيه الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية قرارًا بإنشاء وكالة الفضاء المصرية.

لقد جاء هذا القرار أو القانون رقم 3 لعام 2018 كشعاع نور ومؤشر إيجابي ودفعة أمل تنبؤنا بأن مستقبل الفضاء في مصر سيكون مشرقًا، بسبب وجود هذا الصرح الضخم بشرط أن يحقق أهدافه، ويقوم بالمهام الموكولة إليه على الوجه الأمثل.

كما يجدر الإشادة بجهود دولة الإمارات العربية المتحدة، في مجال الفضاء والتي تعد الآن واحدة من الدول العربية الرائدة في هذا المجال الهام، حيث حققت الإمارات الشقيقة العديد من الإنجازات في هذا القطاع، الأمر الذي يجدر الإشادة به والحديث عنه. 

موقع الأيام المصرية، يقدم لكم تغطية شامل ومتنوعة لكافة الأخبار والأحداث المحلية والعالمية، في شتى المجالات، السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، الرياضية، الفنية، ونرصد لكم الخِدْمَات الهامة سعر الذهب، سعر الفضة، سعر اليورو، سعر الدولار، سعر الدينار الكويتي، سعر الريال السعودي.

تم نسخ الرابط