الإثنين 16 سبتمبر 2024
الايام المصرية
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى

ترند التفاهة.. قد تكون الكلمات التي تنتظر منها أن تجيب على أسئلة حيرتك لتستريح، فإذا بها تشتعل فيك نارا تتلظى من وجعها ولا تجد من يطفئك، ولو أطفأك أحد سيكون بعد أن أحترق فيك كل شيء، [الأمل- الطموح- العزة- الكبرياء، القوة- العزيمة- التحدي]، وصرت خواء وأشتاتا مبعثرة.
مؤلم جدا، أن تظل معظم حياتك وأنت تعيش وَهْما ظننته حقيقة فسخَّرت كل طاقاتك من أن أجل أن تبقى هذه الحقيقية قوية صلبة تجعلك أنت وكل من آمن معك بأن هذا الوهم حقيقية، ثم تكتشف في آخر مشوار حياتك أن هذه الحقيقة ما هي إلا كذبة كبرى، ومحض وهْم ضيعت فيه أغلى ما تمتلك، وليس هناك أغلى من أيام عمرك.
لقد قرأت اليوم مقالا  لأخي العزيز الشاعر الكبير دكتور علاء جانب، ظننت بأنني عندما سأنتهي من قراءته سأتخلص من كثير الإحباطات التي أعيشها بيني وبين نفسي منذ أن تعرضت غزة لتلك الإبادة الجماعية من هذا الكيان الغاصب الغادر ، ثم ارتفعت حالة الإحباط عندي حتى أوشكت أن تكون اكتئابا مرضيا من تلك الخيانات الجاسوسية ممن هم من أبناء جلدتنا، ويعيشون بيننا ويأكلون من خيرات أوطاننا،  ومن أجل مبالغ زهيدة يبيعون أغلى وأعز رجال الأمة إلى عدوهم ليكونوا له صيدا ثمينا.
ولكن بعد أن انتهيت من المقال، وجدتني أكثر هشاشة وبؤسا ويأسا لأنه وضع مبضعه بشدة على موضع الألم وضغط عليه لعله يخرج قيحه وصديده فيجد طريقه للشفاء، ولكن هيهات هيهات، لأن تلك العبارات جعلتني أعيش الندم كل الندم والأسف كل الأسف على عمر عشته وهما وكنت أظن الوهم حقيقية.
فقد ذكر صديقي وزملي الدكتور علاء مُلَخِّصًا لهذا الوهم الذي عشناه مع (جيلي وأجيال سبقتنا) ، فيقول [ تخيل أنك تظل تبني تصورا قوميا طيلة خمسين عاما هي عمرك ثم فجأة تكتشف أن الدم ماء وأن الأخوة هباء  وأن المال أغلى من الإنسان وأن التاريخ يقلب لك ملامحه لينكشف قبيحا مسلوخ الجلد دامي الأظافر

وأن الأشقاء لم يكونوا أشقاء وأن الناس أشبه بحيوانات الغابة .. وأن القوة فوق الحق، وأن التفاهة رائجة "ترند" وأن القيمة "تخلف" 
إن هذا العبارات هي خلاصة عمر قضيناه جريا وراء سراب كنا على يقين بأنه حقيقة فأخلصنا له، ثم اكتشفنا أخيرا أخيرا بعد ما مضى العمر أننا كنا نعيش حياة هشاشة، وترند من التفاهة.

تم نسخ الرابط