الإثنين 16 سبتمبر 2024
الايام المصرية
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى

قبل مايزيد على خمس عشرة عاما وقفت متعجبا فى أبوجا عاصمة نيجيريا وذلك أثناء مشاركتى فى إجتماعات البرلمان العربى الأفريقى ، والذى تشرفت بعضويته إنطلاقا من عضوية مجلس الشعب ، حيث كنت ضمن وفد البرلمان المصرى برئاسة النائب عبدالعزيز مصطفى وكيل مجلس الشعب   ولعل مصدر تعجبى ودهشتى التى تعجب لها الزملاء النواب د.هرماس رضوان ، وأحمد رسلان ، وزينب فيظى وكذلك رئيس وفد مصر ، ماأبديته بشأن هذا الشاب النيجيرى صغير السن الذى رأس أحد الإجتماعات رغم من فيها من قمم برلمانيه تمثل كل القاره الأفريقيه ولكنها ماهى إلا ساعه تابعت فيها مشاركة هذا النائب النيجيرى الشاب حتى أدركت أننى كنت مخطأ وأنه موسوعه ثقافيه غير عاديه ، ويتميز بالإتزان ولديه حضور غير عادى وذكاء شديد ، وذاكره حاده لمستها لديه عندما جاورته فى العشاء الذى تم تنظيمه للوفود البرلمانيه المشاركه والذى كان فيه المايسترو والمنظم والموجه للقائمين عليه ، ودار حوار جانبى بيننا أفصحت له عن إعجابى بشخصه وأدائه ، كاشفا له عما كان بشأنه فى نفسى ، فبادرنى إعجابا بما طرحته من رأى بالإجتماع الصباحى كعضوا بالبرلمان العربى الأفريقى ، مضيفا عليه نقاط مؤكدا على أن ماطرحته سيكون فى التوصيات الختاميه .

هذا البرلمانى النيجيرى الشاب يقينا إستحق تلك المكانه بما عرفته منه ومن بعض أحد أعضاء السفارة المصريه حيث نشأ فى بيئه جيده تعلم فيها السياسه منذ صغره ، وعندما إنتهى من دراسته التى حفلت طوال مراحلها بالمشاركه السياسيه بتزكيه من الدوله مع من تلمس لديهم نبوغا سياسيا من حيث المشاركه ، والمساهمه دون التدخل فى التوجه ، وكذلك من لديه إبداعا فى فروع المعرفه ، والعلم ، والإداره ، ونبوغا فى التوجه للصناعه ، والإداره ، فتم وبتجرد تنشأة  مجموعه من الشباب المبدعين سياسيا ، وفكريا ، وثقافيا ، ومجتمعيا ، يمثلون كافة التيارات السياسيه ، وتم الدفع بهم فى مجال العمل العام ، والوظيفى فكانوا ركائز أساسيه لرفع المستوى العام بنيجيريا ، ولم يكن الإنخراط فى المجتمع على هذا النحو وهم شباب إلا دافعا لهم لإستكمال تعليمهم  بالخارج ،  والأهم من ذلك كله أنهم أصبحوا مقنعين للأجيال الذين يكبرونهم فى السن ، ويتقدمونهم فى شغل الوظائف العامه .

تلك التجربه النيجيرية الوطنيه فى إعداد الكوادر الشبابيه أجدها ملهمه بحق وجديرة بالدراسه والتطبيق ، نظرا لأن أمر إعداد مثل تلك الكوادر يقوم على تنمية المواهب وثقلها وليس  عبر تنظيمات شبابيه مختلفة الأسماء ، تضم أبناء البهوات ، وجيرانهم ، وحوارييهم  ، والعاملين معهم ، وأبناء قادة الأحزاب ، حتى من ينتمون لما يسمى أحزاب المعارضه ، وإخضاعهم لدورات منبثقه عن دورات ، ثم تكليفهم بمواقع قياديه ، أو الدفع بهم كنواب بالبرلمان ، وجعلهم كوادر سياسيه ، دون عمق حقيقى ، إنما عبر  بروباجندا ، وضجيج فكان المنتج مزيدا من الشباب الذين يفتقدون للثقل السياسى والمجتمعى ، قد يكون منهم كوادر حقيقيه فاعله لديهم الموهبه لكن الغالبيه يفتقدون لأمور كثيره نظرا للعجله فى أمر إعدادهم ، والبيئات القادمين منها والتى لاعلاقه لها بالمكون المجتمعى المتنوع فى هذا الوطن ، لذا قيل كيف لشاب من ساكنى الفيلات والقصور بالتجمع والكامبونتات أن يشعر أو يتولى مسئولية رعاية ساكنى القرى والنجوع والكفور ، والعزب ، الذى لاشك فيهم مبدعين كثر لكنهم لم يمنحوا الفرصه وفرض عليهم التهميش عن واقع الحياه مهما كان إبداعهم .

تذكرت زمنا مضى يرجع تاريخه للسبعينات والذى مارست فيه السياسه من خلال الإتحادات الطلابيه التى كنت فيها عضوا بمكتب تنفيذى إتحاد طلاب الجمهوريه  ، رغم كونى قياده طلابيه قادما من عمق الريف المصرى حيث بلدتى بسيون ، وقبل ذلك صبيا فاعلا فى إنتخابات برلمانيه كان فيها مرشحين ونواب من عائلتى ، وشابا عضوا بالوفد قبل مايزيد عن أربعين عاما عندما كان الوفد وفد ، ومازلت بفضل الله عن قناعه لأن الوفد تاريخا وميراثا ونهجا وقناعه ، ومن تتلمذ السياسه مثلى على يد فؤاد باشا سراج الدين آخر الزعماء التاريخيين بمصر لايمكن له أن ينشدها فى أى حزب أو لدى أى قيادة حزبيه فى هذا الزمان ، وشابا فى الثلاثينات وصلت للإعاده فى إنتخابات مجلس الشعب كان فيها منافسه حقيقيه ، ثم حققت فوزا ساحقا .

يبقى من الأهميه أن يتوقف الجهابزه الذين يرسمون للوطن مساره السياسى ، والحزبى ، والبرلمانى عن هذا التوجه السائد الآن ، ويبحثوا مضامين التجربه النيجيرية كما طرحتها ومنتجها الرائع ، لأن مصرنا الحبيبه عظيمه وفيها من الكوادر مايقود الوطن العربى كله شريطة الإخلاص فى الإعداد ، أقول ذلك من أجل هذا الوطن الغالى ، وبإخلاص وليس من أجل غرض شخصى ، أو هوى فى النفس ، فقد تجاوزنى الزمن وأصبحت أنتمى إلى  جيل جميعا يستعدوا للرحيل ولقاء رب كريم ، وجميعا زهدنا فى كل شيىء حتى قبل أن تكون السياسه كما هى الآن مسخا بلا قيمه ، حيث حققنا بفضل الله وظيفيا ، وسياسيا ، وحزبيا ، وبرلمانيا ، مانتركه تاريخا مشرفا لأبنائنا وأحفادنا ، فهل يسمعنى أحد ، أو ينتبه لمضانين ماطرحت أحد . على أية حال .. اللهم بلغت اللهم فاشهد .

تم نسخ الرابط