الإثنين 16 سبتمبر 2024
الايام المصرية
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى

منذ زمن طويل كانت هناك دعوات من على المنابر ومنصات الوعظ، ومن أصحاب الفكر الراجح، والرؤية الثاقبة من أهل الحل والعقد تنادي على الناس وتلح عليهم بأن يترفقوا بأنفسهم في تجهيز أبنائهم وبناتهم للزواج، وأن يُكتفى فقط بالاحتياجات التي تلبي حاجة البيت في بداية حياة اثنين فقط ، ثم إن عليهم عند الإشهار من خلال إقامة احتفالية لذلك، أن تكون تلك الاحتفالية خاضعة لضوابط الشرع، بعيدة عن الإسراف والتبذير.

 ولكن للأسف الشديد لم يكن الناس يستجيبون لتلك الدعوات حبا في التباهي والتفاخر، بل إنهم سنة بعد سنة تزداد مظاهر التفاخر عندهم، ويصبح قيمة العريس وأهله في عدد جرامات الذهب التي سيقدمها هدية لعروسه، وفي القاعة، أو الفندق الذي ستقام فيه المناسبة، وفي عدد الذبائح التي ستذبح، والفنان أو الفنانة التي ستحيي الفرح ، وفي سعة الشقة، أو الفيلا ، وفي المدينة والحي الذي سيكنون فيه، والمكان الذي سيشترى منه الأثاث ( العفش)، وكم عدد الغرف التي سيتم شراؤها، وأول غرفة لا بد منها غرفة الأطفال، الذين لا يزالون في عالم الغيب.؟؟


ثم إذا ما جئنا للعروس وأهلها فتقييمهم الذي يفتخرون به في العربيات التي حملت الجهاز من بيت العروس إلي بيت العريس، ثم في حجم تلك الأجهزة ، فكم عدد أقدام الثلاجة ومن أي ماركة، وكذلك الغسالات - وليس غسالة واحدة- كم سعتها، ومن أي الماركات والبوتاجاز وكم عيونه ومن أي ماركة، وشاشات التلفاز وحجمها.. الخ .. كل هذا يتفاخر به الجميع وكل عروس قادمة تريد أن تكون أفضل ممن سبقتها.
ظل الناس على ما جبلوا عليه فلا يستجيبون   للخطباء ولا للوعاظ، ولا لأهل الحل والعقد حتى جاءت الأزمة الاقتصادية الحالية وألقت بظلالها البائسة على الناس جميعا، واستشعر الشباب أنفسهم عمق المأساة التي تحدق بهم، والتي ستمنعهم من تحقيق حلمهم في بناء أسرة،  فاتخذ بعض الراشدين منهم قرارا بأن تكون تكليفات زواجهم، وحفلات عرسهم بأقل تكلفة حتى لا يقعا فريسة للديون التي ستنعكس عليهم بعد زواجهم والتي تؤدي عند كثيرين منهم إلى الطلاق المبكر.
وكما يقولون الاختراع وليد الحاجة، فحاجة العروسين إلى الزواج والاستقرار جعلتهم يخترعون وسائل يسيرة في تجهيزاتهم وإقامة حفل عرسهم تجعل زواجهم يتم بأقل تكلفة وفي أجمل صورة.
وليت هذه الظاهرة الجديدة التي طالبنا بها كثيرا يتبناها الشباب أنفسهم ويفرضونها على أهليهم ومجتمعهم.
وهكذا تجبرنا الظروف الاقتصادية أن نقبل ما لم نقبل من خطب الخطباء ووعظ الوعاظ وتوجيهات أهل الحل والعقد.

تم نسخ الرابط