منصور جبر يكتب عن قرية النمل
لما رأى عبدالمطلب في منامه أنه أُمِرَ بحفر زمزم قال: فَنِمْت فِيهِ فَجَاءَنِي فَقَالَ احْفِرْ زَمْزَمَ. قَالَ قُلْت: وَمَا زَمْزَمُ؟ قَالَ لَا تَنْزِفُ أَبَدًا وَلَا تُذَمّ، تَسْقِي الْحَجِيجَ الْأَعْظَمَ، وَهِيَ بَيْنَ الْفَرْثِ وَالدّمِ، عِنْدَ نُقْرَةِ الْغُرَابِ الْأَعْصَمِ، عِنْدَ قَرْيَةِ النمل.
فقيل سميت مكة لذلك قرية النمل، والله أعلم.
وقال الشامي في كتاب سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد: (وقرية النمل كذلك؛ لأن النمل لا تَحْرِثُ ولا تَزْرَع، وتَجْلِبُ الحبوب إلى قريتها من كل جانب، ومكة كذلك، كما قال تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ}.
وذكر ابن الضياء في كتابه تاريخ مكة المشرفة والمسجد الحرام: (وأما قرية النمل : ففيها من المشاكلة والمناسبة أيضاً أن زمزم هي عين مكة التي يَرِدُها الحجيج والعُمَّار من كل جانب، فيَحمِلون إليها البُر والشَّعير وغير ذلك، وهي لا تُحرث ولا تُزرع؛ لقول إبراهيم: {إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع}. إلى قوله: {وارزقهم من الثمرات}. وقرية النمل كذلك لأن النمل لا يَحرث ولا يَبْذُر وتَجلِب الحبوب إلى قريتها من كل جانب).
وروى أبو البقاء الحُلِّي في كتابه: المناقب المزيدية في أخبار الملوك الأسدية: قال مضُاض بن عمرو بن الحارث وكان سيد جُرْهُم يزجر قومه: (فقد رأيتم ما صنع الله بالعماليق. فلم يثيبوا إلى قوله وأقاموا على البغي والظلم فأرسل الله عليهم الرعاف والنمل فأفنى أكثرهم...).
وقيل بل سميت مكة بقرية النمل لكثرة النمل بها.
جاء في كتاب السيرة الحلبية في سيرة الأمين المأمون لعلي بن برهان الدين الحلبي: (وتسمى قرية النمل لكثرة نملها، أو لأن الله سلط فيها النمل على العماليق لما أظهروا فيها الظلم حتى أخرجهم من الحرم).
فما أجل مكة، وما أعظم حُرمتَها.