أعلن المركز القومي للإحصاء عن وصول عدد سكان البلاد إلى 106 ملايين و750 ألف نسمة وهو رقم يثير العديد من التساؤلات حول مستقبل البلاد. هل يمثل هذا العدد الكبير من السكان عبئًا على الاقتصاد والموارد؟ أم أنه يمكن أن يتحول إلى فرصة ذهبية تدفع بمصر نحو مستقبل أكثر إشراقًا؟
لا شك أن الزيادة السكانية السريعة تمثل تحديات كبيرة لأي دولة ومصر ليست استثناءً. زيادة عدد السكان تتطلب توفير المزيد من الخدمات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية والإسكان وهي جوانب تعاني بالفعل من ضغوط كبيرة. تضاعف عدد السكان يعني زيادة الطلب على هذه الخدمات، مما يزيد من الأعباء المالية على الدولة ويزيد من التحديات المتعلقة بتوفير بنية تحتية متكاملة تستوعب هذا النمو.
علاوة على ذلك، فإن ارتفاع عدد السكان دون وجود تخطيط اقتصادي ملائم قد يؤدي إلى زيادة معدلات البطالة، خاصة بين الشباب. مصر تواجه بالفعل تحديات في توفير فرص عمل كافية، وزيادة عدد السكان تعني أن المزيد من الشباب سيدخلون سوق العمل، مما يفرض ضغوطًا إضافية على الاقتصاد.
على الرغم من التحديات، يمكن للزيادة السكانية أن تتحول إلى فرصة كبيرة إذا تم استثمارها بشكل صحيح. في الواقع، كثير من الدول التي تتمتع بقاعدة سكانية كبيرة قد حققت نجاحات اقتصادية هائلة من خلال الاستثمار في رأس المال البشري. فالبشر هم الثروة الحقيقية لأي أمة وإذا تم توفير التعليم الجيد، والتدريب المهني وخلق فرص العمل، فإن هذه الكتلة البشرية يمكن أن تصبح محركًا للنمو الاقتصادي.
التعليم هو العنصر الحاسم في تحويل الزيادة السكانية إلى ميزة. يجب التركيز على تحسين جودة التعليم وجعله ملائمًا لاحتياجات سوق العمل المتغيرة. التعليم الذي يركز على تنمية المهارات التقنية والابتكارية يمكن أن يساهم في خلق جيل جديد من رواد الأعمال والمبتكرين القادرين على تحويل التحديات إلى فرص.
بالإضافة إلى التعليم يجب أن تتبنى الدولة سياسات تشجع على ريادة الأعمال وتدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة هذه المشروعات يمكن أن تخلق فرص عمل جديدة وتساهم في تنويع الاقتصاد مما يقلل من الاعتماد على القطاعات التقليدية ويزيد من قدرة الاقتصاد على التكيف مع التغيرات العالمية
تطوير البنية التحتية هو جانب آخر يجب أن توليه الحكومة اهتمامًا كبيرًا. تحسين البنية التحتية يمكن أن يسهل الوصول إلى الأسواق ويزيد من جاذبية مصر كوجهة للاستثمار الأجنبي. كما أن تحسين وسائل النقل والاتصالات، والطاقة يمكن أن يعزز من قدرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة على النمو والازدهار
أحد أهم الأصول التي تمتلكها مصر هو شبابها. بوجود نسبة كبيرة من السكان في سن الشباب يمكن لمصر أن تحقق قفزة نوعية في مختلف المجالات. إذا تم استثمار هذه الطاقة الشابة من خلال برامج تدريبية موجهة ودعم الابتكار وتشجيع التطوع والمشاركة المجتمعية، فإنها يمكن أن تصبح قوة دافعة للتنمية المستدامة
في النهايه اريد ان أقول ان الزيادة السكانية في مصر يمكن أن تكون سلاحًا ذا حدين. إذا لم يتم التعامل معها بحكمة، فقد تتحول إلى عبء يثقل كاهل الدولة. ولكن إذا تم استثمارها بشكل صحيح من خلال التركيز على التعليم وتطوير البنية التحتية ودعم ريادة الأعمال فإنها يمكن أن تتحول إلى فرصة ذهبية تضع مصر على طريق التقدم والازدهار. المفتاح هو رؤية استراتيجية تستثمر في الإنسان باعتباره الثروة الحقيقية للبلاد