بعد طرحها أحدث إصدار لتليفونها “ايفون 14” الأسبوع الماضي، أثارت أبل كالعادة إعجاب وإنبهار كتابعيها، وتحدث المتحدث الرسمي بإسم الشركة ايضا عن البيانات الشخصية للمستخدمين،وعملهم على الحفاظ عللى سرية المعلومات في “أيفون”، وعلى الرغم من أنه أمر مسلّم به منذ فترة طويلة، إلا أنه يتم إختراقه بين الحين والاخر من قبل القراصنة، وقد عملت الشركة على عمليات التشفير في نظام المراسلة بالهاتف افتراضياً، وساعد المساعد الرقمي “سيري” بمعالجة الأوامر على الهاتف بدلاً من خوادم “أبل”، وتتيح لك الشركة منع المعلنين من تتبّعك، وهذا الأمر يزيد من خاصية الأمان التي تتميز به دائما شركة “أبل”.
وفي الوقت الذي قد يحتاج المستهلكون لمزيد من التطمينات الملموسة حيال عدم تراخي الشركة من خلال تخفيف معايير التعامل مع المعلومات الشخصية، يبدأ نشاط الإعلانات يرتكز على جمع واستهداف البيانات منذ فترة طويلة، حيث تعتبر الشركة حماية الخصوصية وإعتبارها “المعركة الأكثر أهمية في عصرنا” على حد وصف تيم كوك الرئيس التنفيذي لشركة “أبل”، وهذا الوقف أتاح للشركة بأن تروّج لنفسها على أنها البطلة بين عمالقة رأسمالية المراقبة من أمثال “ميتا بلاتفورمز”، الشركة الأم لـ”فيسبوك”، و”ألفابيت”، مالكة “جوجل”.
مع ذلك، يُصعِّب هذا الأمر من اقتحام “أبل” لمجال الإعلانات بشكل متزايد والتوفيق بين ذلك وبين الالتزام بحجب المعلومات الشخصية. يبدو أن الظروف فُرضت على شركة “أبل”، حيث تحتاج الشركة إلى كسب أموال بطرق أخرى بعيدة عن بيع أجهزة “أيفون” في ظل تباطؤ سوق الهواتف الذكية. لتحقيق هذا الهدف، تطوِّر الشركة سماعات الرأس للواقع المختلط والسيارة ذاتية القيادة، وتميل أكثر إلى طرح خدمات مثل تلفزيون “أبل +” و”أبل ميوزيك”. بدأت الشركة كذلك في تكثيف تواجدها في سوق الإعلانات، وهي سوق ترتبط عادة بشركات التواصل الاجتماعي.
تعرض “أبل” حالياً إعلانات مصوّرة في واجهة “متجر التطبيقات” (آب ستور) وفي تطبيق الأسهم والأخبار الخاص بها، وتُخطِّط لتوسيع هذه الإعلانات حالياً إلى صفحات أخرى في متجر “أبل”. في نفس الوقت، تقوم وحدة الإعلانات بمضاعفة حجمها مما يُكسبها نفوذاً داخل الشركة.
يتبع تود تيريسي، نائب رئيس الوحدة، مباشرة إيدي كيو، رئيس الخدمات المخضرم لدى “أبل”، ويرغب تيريسي في زيادة إيرادات إعلانات “أبل” السنوية من 4 مليارات دولار إلى ما يتجاوز 10 مليارات، وفقاً لـ”بلومبرغ نيوز”. تُشير تقديرات “إيفركور آي إس آي” (Evercore ISI) للأبحاث إلى أن مبيعات إعلانات “أبل” ستبلغ نحو 30 مليار دولار في أربع سنوات. قد يعود جزء كبير من هذا النمو لعلامة تبويب البحث في متجر “أبل”التي تعتبر أداة الاستثمار الرئيسة لإيرادات الإعلانات في الشركة. إلا أن التغييرات الإدارية والتوقعات المالية لـ”أبل” تشير إلى أن الإعلانات ستُصبح بشكل عام شديدة الأهمية في المستقبل بالنسبة للشركة.
في ضوء أن بعض المعلنين قد يطالبون بمزيد من التفاصيل الدقيقة الخاصة بعملاء “أبل”، يُمكن لكوك أن يتعهد بأن البيانات التي تجمعها “أبل” لمنصتها الإعلانية المتنامية لن تتسرب وتتخطى حدودها الخاصة لاستغلالها في تحسين استهداف الإعلانات.
في مثال طرحه الأسبوع الماضي، قال كوك إن “أبل” تحاول إعطاء المستخدمين القيادة فيما يتعلق ببياناتهم من خلال منحهم خاصية إلغاء الاشتراك في التعقُّب من قبل أطراف ثالثة. لكن هذا النهج يُسهِّل كذلك تحوّل الشركة من مكانة الحارس الافتراضي للخصوصية، والذي يقوم بمعالجة الجهاز أو تقديم خدمات مثل التشفير دون أن يُطلب منه، إلى شركة تُحمِّل المستخدمين عبء حماية البيانات بشكل متزايد.
إن مستقبلاً يُمنح فيه عملاء “أبل” مجموعة أكبر من الخيارات المتعلقة باستخدام بياناتهم قد يفتح الباب بهدوء أمام جمع مزيد من البيانات في حال قامت الشركة بدفعهم نحو اتجاهات معينة من خلال صياغة كلمات دقيقة ولطيفة، أو من خلال إجراء تعديلات هادئة على سياساتها. يصعُب تخيُّل قيام “أبل” بذلك حالياً، ولكن من المعروف أن المبادئ قد تغيّرت من قبل، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالعائدات المالية.