حذر الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي، المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، من أن الاقتصاد العالمي قد يواجه تحديات كبيرة، تتعلق بمخاطر الركود التضخمي، وتداعيات تغيرات المناخ، وتحديات الأمن الغذائي، وارتفاع أسعار السلع الأساسية وتقلبات سلاسل التوريد العالمية، مما نتج عنه إعادة تقييم لوضع الاقتصاد العالمي. أشار أن الاقتصاد العالمي يقدر أن يحقق معدل نمو يبلغ 3.2 و 2.9 في المائة عن عامي 2022 و على التوالي2023، وهي تقديرات تقل عن التوقعات السابقة، مبيّناً أن هذا الخفض جاء نتيجة لحالة عدم اليقين وما ستسفر عنه التطورات العالمية واحتمالية الدخول فيما يسمى حالة التضخم الركودي. وفيما يتعلق بالدول العربية، بيّن معاليه، أنه ووفقاً لتقديرات صندوق النقد العربي، ستحقق الاقتصادات العربية نمواً بنحو 5.4 و4.0 في المائة في عامي 2022 و 2023 على الترتيب.
جاء ذلك في كلمة في افتتاح أعمال اجتماع الدورة السادسة والأربعين لمجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، الذي عقد هذا العام بمدينة جدة بالمملكة العربية السعودية تحت الرعاية الكريمة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله ورعاه. شارك في الاجتماع أصحاب المعالي والسعادة محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، إلى جانب كبار المسؤولين من صندوق النقد الدولي وبنك التسويات الدولية.
وفيما يتعلق بالموجة التضخمية الحالية، أشار إلى ارتفاع معدل التضخم العالمي، ليبلغ 8.3 في المائة في عام 2022، و5.7 في المائة في عام 2023، مشيراً إلى توقع صندوق النقد العربي تسجيل الدول العربية كمجموعة مستوى تضخم مرتفع نسبياً خلال عامي 2022 و2023 يبلغ حوالي 7.6 في المائة و7.1 في المائة، على التوالي، في ظل استمرار التطورات الدولية الراهنة.
من جانب آخر، أشاد الدكتور الحميدي بجهود المصارف المركزية العربية في ضبط أوضاع القطاع المالي والمصرفي وتعزيز سلامته، مشيراً أنه من غير المتوقع أن يكون هناك أثر جوهري لارتفاع أسعار الفائدة على أدوات السياسة النقدية، على قدرة القطاع المصرفي العربي على الإقراض. حيث حققت مؤشرات المتانة المالية للقطاع المصرفي في الدول العربية نتائج جيدة في عام 2021. فعلى صعيد كفاية رأس المال، بلغ متوسط النسبة في المنطقة العربية حوالي 17.8 في المائة في نهاية عام 2021، الأمر الذي يُشير إلى تمتع القطاع المصرفي العربي بملاءة عالية بما يعزز من قدرته على استيعاب الخسائر المحتملة، فيما وصلت نسبة الأصول السائلة إلى إجمالي الأصول لهذا القطاع نحو 32.7 في المائة. كما وصلت نسبة تغطية مخصصات القروض إلى إجمالي القروض غير المنتظمة للمصارف العربية نحو 91.1 في المائة في نهاية عام 2021.
بيّن الدكتور الحميدي أن مسارات النمو في الدول العربية تتأثر بثلاث عوامل رئيسة، هي: التطورات المتعلقة باستمرار العمل بالإجراءات والترتيبات والحزم المالية لاحتواء التداعيات الناتجة عن جائحة كورونا، والتأثيرات الناتجة عن التطورات العالمية الراهنة على الاقتصادات العربية، إضافة إلى المسار المتوقع للسياسات الاقتصادية الكلية خاصة السياسة النقدية.
أشار إلى أبرز التحديات الاقتصادية التي تواجه الدول العربية في هذه المرحلة، والتي تتمثل في ارتفاع معدلات التضخم، ومعدل البطالة الذي سجل نحو 11.3 في المائة، وهو يعادل ضعف المعدل العالمي، إلى جانب التحدي المتعلق بتزايد معدلات المديونية في ظل الارتفاع الذي شهدته مستويات الدين العام في أعقاب الجائحة، مبيّناً وصول قيمة الدين العام إلى نحو 756.2 مليار دولار بما يمثل نحو 107.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية المقترضة.
من جانب آخر، أكد على أهمية توجه الحكومات العربية نحو الإسراع بجهود التحول الرقمي والتحول نحو اقتصاد المعرفة، مشيراً إلى أن الدول التي تمكنت من التعافي السريع من تداعيات الأزمة، ومن التعامل مع تداعياتها بفعالية وكفاءة تمثلت في الدول العربية ذات المستويات الأعلى من الجاهزية الرقمية.
نوّه الدكتور الحميدي بالجهود الكبيرة التي تقوم بها اللجان وفرق العمل المنبثقة عن مجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية في تناول المواضيع والقضايا ذات الأهمية والمستجدات والتطورات ذات العلاقة بأولويات المصارف المركزية العربية، بما يعزز من فرص تبادل الخبرات والتجارب ونقل المعرفة. كما أشاد معاليه بالتقدم الملحوظ في الإصدار الخامس من تقرير الاستقرار المالي في الدول العربية لعام 2022، وما تضمنه من فصول جديدة.
من جانب آخر، أكد المدير العام رئيس مجلس الإدارة على حرص الصندوق على الاستجابة السريعة لاحتياجات الدول العربية في ظل تداعيات جائحة كورونا، مبيناً في هذا الصدد قيام الصندوق بتلبية طلبات الاقتراض بأقصى سرعة ممكنة، مشيراً أنه تم توفير موارد مالية لعدد من الدول الأعضاء في شكل قروض جديدة، أو سحب على القروض القائمة، لمواجهة التداعيات الاقتصادية والمالية الراهنة، ذلك من خلال تطبيق إطار الإجراءات السريعة الأمر الذي مكّن الدول الأعضاء المقترضة من الاستفادة من هذه الموارد بأسرع ما يمكن، مبيناً