قضت السيدة دينا رضا، سنوات طويلة من عمرها، وحيدة بلا جليس ولا ونيس، داخل منزلها في مدينة مدينتي، ولم يوجد معها سوي كلبة صغيرة، تستمع لصوتها يوميًا، فيطمئن قلبها، ولا يوجد معها سوي هذا الحيوان الأليف.
كانت تتابع كل ما ينشر عن “التبرع بالأعضاء”، لكي تشارك في استمرار الحياة، وبحثت عن رأي الدين والطب والقانون، في مسألة التبرع بالأعضاء، وبدأت تسعي لتحقيق حلم التبرع بالأعضاء.
ذهبت دينا رضا إلي مصلحة الشهر العقاري، لتوقع وثيقة التبرع بأعضائها، وهي سعيدة أن حققت حلمها، وظلت 5 سنوات من التوثيق، حتي لفظت نفاسها الأخيرة، يوم 28 ديسمبر الجاري، وعرفت وسط الأوساط الإعلامية، بأول مصرية توثق تبرعها بأعضائها بعد الوفاة.
وقالت دينا رضا في وصيتها: “إقرار بعد وفاتي، وعدم استحالة عودتي للحياة، بالتبرع بأي عضو يمكن نقله من كبد – كلى – رئة – الأمعاء – البنكرياس أو نسيج يمكن نقله لجسم آخر، لأي مريض يمكن الاستفادة منه للحفاظ على حياته”.
أيام وشهور وسنوات عاشتها دينا رضا، منذ الإقرار كانت من أسعد لحظاتها، قبل أن يهاجمها السرطان الخبيث في مارس 2023، لتنقلب حياتها رأسًا على عقب، بعدما هاجمها سرطان شرس في مرحلة متأخرة، منتشرًا في الرئتين، والعظام، والعمود الفقري، حتى الغدد الليمفاوية.
قالت دينا رضا: “السرطان وقف فرحتي بتحقيق حلمي بالتبرع، السرطان سرقني وأنا عايشة وهيسرقني وأنا ميتة لأني مش هقدر أتبرع”، كلمات الحسرة واليأس، سيطرت عليها قبل وفاتها، لا مفر من قضاء الله وقدره: “أنا راضية بقدر ربنا لكن لحد ما أموت هفكر في الناس اللي كان نفسي أساعدها”.
صدمة كبيرة، عاشتها دينا رضا قبل أشهر من وفاتها، بعدما تأكد توقف حلمها التي طالما حلمت به، وأصبح من المستحيل التبرع بعضو من أعضائها، وفقًا لحديث الدكتور أحمد حسين، طبيب زراعة الأعضاء: “السرطان للأسف طالما تمكن من الجسم، صعب إنها تتبرع بعد وفاتها، لازم الأعضاء تكون سليمة والدم كمان، وقتها اللجنة المتخصصة تفحص وتقرر لكن في الحالة دي الأمر مستحيل”.
ورحلت دينا رضا في 28 ديسمبر 2023، بعد أشهر من معركة شرسة مع المرض الخبيث، لترحل وتترك وثيقتها، التي ظلت تعتز بها وهي على علم، إنه لا يمكن استخدامها مُطلقًا، وتترك “ونيستها الوحيدة” كلبتها التي أوصت شخص أمين، على رعايتها بعد وفاتها بحسب آخر حديث لها.