ومازلنا مع سلسلة السيد المسيح في القرآن الكريم، حيث نستكمل اليوم الحلقة الثانية، لنستعرض من خلال آيات القرآن الكريم مكانة سيدنا عيسى بن مريم عليه السلام.
يقول الله تعالى في الاية (253) من سورة البقرة: «تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ».
ففي هذه الاية خص الله فريقاً من الأنبياء بالحديث، ووصفهم بالأفضلية عن غيرهم، وكأن الآية الكريمة تنبئنا بأن الله سيتحدث عن مجموعة من خاصة الأنبياء الذين فضلهم الله عن غيرهم.
ثم تبدأ الآية في ذكر بعض هؤلاء الأنبياء المفضلين، فتبدأ بكليم الله موسى عليه السلام حيث يقول تعالى: «تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ» ويقصد به سيدنا موسى بن عمران.
ثم تنقل الآية إلى نبي آخر وهو سيدنا المسيح عيسى بن مريم، إلا أن الله يختصه بالثناء والمديح قبل ذكر اسمه تكريماً له وتعظيماً لشأنه فيقول تعالى: «… وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ».
وهنا تحدثنا الآية عن فريق من الأنبياء رفعهم الله درجات عن سائر الأنبياء، ويأتي بعد هذا التفضيل صراحة ذكر سيدنا عيسى باسمه، بعكس ما ورد في ذكر سيدنا موسى، حيث ذكر بصفته «كليم الله».
ثم تزيد الاية الكريمة سيدنا عيسى تشريفاً وتعظيماً حيث يقول الله تعالى: «وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ».
والآية تخص سيدنا عيسى عليه السلام بالبينات أي المعجزات التي جاء بها ومنها على سبيل المثال معجزات إحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص وخلقه من الطين كهيئة الطير، ثم ينفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله, وإبراء الأسقام, والإطلاع على كثير من الغيوب مما يدخرون في بيوتهم, وغيرها من المعجزات.
ثم يثني الله سبحانه وتعالى على سيدنا عيسى عليه السلام في نفس الآية فيقول: «وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ» أي قويناه وأعناه بأمين الوحي جبريل عليه السلام، وقال آخرون: روح القدس الذي أيد الله به عيسى عليه السلام هو الإنجيل.