فقدت الأمة العربية، فنان تشيكيليا ، كان فريدا في موهبته، حيث غيب الموت الفنان التشيكيلي اللبناني حسين ماضي والذي يعد من أهم و أبرز الفنانين التشكيليين في منطقة الشرق الأوسط، والعالم.
وتوفي “ماضي” 85عاما، في منزله في بيروت، بعد حياة حافلة من الفن والإبداع قضاها بين لبنان وإيطاليا، نجح خلال مشواره الفني الكبير، العمل على المزج بين الرسم والفلسفة، وعاصر تيارات فنية مختلفة، كانت واضحة في جميع مراحل فنع المتعددة سواء في الوطن العربي أو في أوروبا.
وتتسم أعمال الفنان الراحل الذي كان يلقب بـ”بيكاسو الشرق”، بأسلوب هندسي مميز في لوحاته الإبداعية، وذلك اعتمادا على المثلثات والدوائر وغيرها من الأشكال التي تنتج عملا إبداعيا يحمل بصمة خاصة بتوقيع حسين ماضي.
وفي مقابلة سابقة مع وسائل إعلام عربية، أكد أن إيطاليا “صقلت فنه”، لكنه لم يغب أيضا عن بيروت التي درس فيها بمعهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية، وكانت البذرة الأولى التي ساهمت في تشكيل موهبته ومشواره الطويل في ميدان الفن التشكيلي.
وبدوره نعى وزير الثقافة اللبناني في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية محمد وسام المرتضى، الفنان التشكيلي الراحل، وقال إن ريشته “كأنها قوس قزح بما هي انفعال اللون مع تموجات الطبيعة، منوها إلى أن لوحاته فكل واحدة منها مرآتان متقابلتان عن ذاته وعن الأرض، تنعكس عليهما لحظات تناغم بين الإنسان ومحيطه، هي ذروة الحالة الإبداعية التي تجدد الوجود”.
وأشار الوزير اللبناني إلى أن اليوم نقدر نقول سقطت من اللوحة تاؤها ومضى حسين ماضي على لوح خشبي إلى شبعا الأرض التي عشق، ورسم البطولة فيها على شكل زهر وشجر ونهر، معمقا انتماء الفن إلى قضية الحرية، مؤكدا أن حسين ماضي سيبقى اسمه محفورا على لوح الثقافة الخالدة. لنفسه الرحمة ولعائلته وزملائه ومقدري فنه وأهالي بلدته شبعا الأبية الصبر والسلوان”.
حسين ماضي (1938 – 17 كانون الثاني/يناير 2024) رسام ونحات لبناني، درس الرسم والنحت والحفر في بيروت في الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة منذ سنة 1958 حتى 1962، ثم انتقل للدراسة في روما في أكاديمية بيلي أرتي، وعاش بين هاتين المدينتين بين عامي 1973 و1986. أجرى بحثًا متقدمًا عن التراث الثقافي العربي والمصري في روما، ثم عاد إلى لبنان في العام 1986، وأصبح أستاذًا في معهد الفنون الجميلة – الجامعة اللبنانية في لبنان، ولقد عرض أعماله في أوروبا منذ عام 1965، ثم عرض أعماله الفنية في العديد من المتاحف العالمية مثل المتحف البريطاني وفي بينالي البندقية ومتحف أوينو في طوكيو.
ويذكر أن ماضي ولد في بلدة شبعا (قضاء حاصبيا – العرقوب) لبنان عام 1938، ثم انتقل إلى إيطاليا حيث درس في روما، واتقن حِرف الرسم والنحت والطباعة، إضافة إلى تقنيات فن الفرِسكو والموزاييك والغرافيك في أكاديمية الفنون الجميلة وأكاديمية سان جياكومو في روما.
وقام الفنان الراحل بإقامة أكثر من ستين معرضًا فرديًا، كما شارك في عدة معارض دولية، بالإضافة إلى البيناليات حول العالم، حيث تتصدرت أعماله الفنية عددًا من المجموعات الفنية العامَة والخاصة الهامّة حول العالم بما فيها المتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة، والمتحف البريطاني في لندن، ومتحف أينو الملكي في طوكيو، وبنك شيس منهاتن في نيويورك ومجموعة ميشيل تابييه الفنية في باريس، ومتحف سرسق في بيروت.
كما تأثرت أعمال حسين ماضي بأعمال الفنانين الأوروبيين المعاصرين مثل هنري ماتيس وبابلو بيكاسو، وكذلك تأثر بالتصاميم الفنية الإسلامية، كما يتأثر بفنون المشرق الأدنى والحضارات الفرعونية والبابلية والآشورية والفينيقية. كما يشكل موضوع الطبيعة الصامتة الموضوع الأكثر حضوراً في أعمال حسين ماضي، سواء كان جسد إنسان أو طير أو شجرة، كما يمزج فيها قلم الرصاص والفحم والأحبار السوداء والبنية واللوحات الورقية والقماشية ولوحات الطيور والنساء العاريات والثيران، فيقول: «الطبيعة معلمتي الوحيدة، ولا تنبع الأعمال العظيمة إلا من الخالق الأكبر»
كما عمل في أعماله إلى تبسيط الأشكال الهندسية والتشريحية، ويظهر في أعماله عموماً، ومنحوتاته خصوصاً، نزوع نحو اتباع المدرسة التكعيبية.
كما حصل حسين ماضي على العديد من الجوائز منها: جائزة الصالون الخامس لقصر سرسق للرسم سنة 1965-1966، وجائزة الصالون الثامن للنحت التي قدمها المركز الثقافي الإيطالي في 1968/1969، والجائزة الأولى للحفر (بالإيطالية: Citta di Lecce) في إيطاليا عام 1974. وجائزة رئيس جمعية الفنانين اللبنانيين أعوام 1982 و1992.
ومن أبرز مؤلفاته كتاب، فن ماضي، (بالإنجليزية: The Art of Madi) طبعة كتب الساقي، 2005، منشور باللغة الإنجليزية.، وكتاب حسين ماضي، طبعة غاليريا دارتي كافور، 1972، باللغة الإيطالية.