هل تحديد نوع المولود حلال أم حرام.. سؤال ورد إلينا من السيدة مها عبدالله من مركز إطسا بمحافظة الفيوم.
السيدة السائلة أكدت أنها تعاني من مشكلة في الحمل والإنجاب ولا يمكنها الحمل إلا عن طريق عمليات أطفال الأنابيب، ولعدد محدود، وهو ما دفع الأطباء إلى تحديد نوع المولود.
وأضافت السيدة، تحديد نوع الجنين يتم بطريقة عليمة حيث يقوم الأطباء في المعامل بحقن المرأة بالحيوانات المنوية التي تحمل جينات الذكورة وهو ما يؤهلها للحمل بمولود ذكر.
وتتساءل: هل يُجِيزُ الشَّرْعُ الحنيف استخدام ما وصل إليه العلم الحديث في مسألة تحديد نوع الجنين؟
دار الإفتاء المصرية تكشف حكم الدين في تحديد نوع الجنين
وحول هذه القضية أصدرت دار الإفتاء المصرية بياناً شرعياً قالت فيه: «إن الله تعالى خلق الإنسان خلقًا متوازنًا؛ فجعله زوجين ذكرًا وأنثى، وميَّزَ كُلاًّ منهما بخصائص تتناسب مع الوظائف التي أقامه فيها، وبيّن أن هذه هي طبيعة الخلق التي تقتضي استمراره.
وأكدت دار الإفتاء المصرية أن مسألة تحديد نوع الجنين تنقسم إلى قسمين:
- الأول: تحديد نوع الجنين على المستوى الفردي.
- الثاني: تحديد نوع الجنين على مستوى الأمة.
أما النوع الأول وهو تحديد نوع الجنين على المستوى الفردي: فالحكم الشرعي فيه هو الإباحة والجواز ولا خلاف في ذلك؛ إذ الأصل في الأشياء الإباحة، ولا تحريم إلا بنص، ولقد كان من دعاء سيدنا زكريا عليه السلام: ﴿فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا، يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ﴾ [مريم: 5-6].
وأكدت دار الإفتاء المصرية أنه لا حرمة ولا إثم على من يطلب من الله المولود الذكر أو الأنثى، فهذا الطلب من اللهِ مباح، كما حمد سيدنا إبراهيم عليه السلام ربه حين رزقه الولد فقال: ﴿الْحَمْدُ للهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ [إبراهيم: 39].
وقد ورد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ: لأطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ علَى مِائَةِ امْرَأةٍ، أَوْ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ كُلُّهُنَّ، يَأْتِي بِفَارِسٍ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: إِنْ شَاءَ اللهُ، فَلَمْ يَقُلْ إِنْ شَاءَ اللهُ، فَلَمْ يَحْمِلْ مِنْهُنَّ إِلَّا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ، جَاءَتْ بِشِقِّ رَجُلٍ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللهُ، لَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فُرْسَانًا أَجْمَعُونَ» أخرجه البخاري ومسلم.
وأكدت دار الإفتاء المصرية إلى أن تحديد نوع الجنين ورد ذكره في السنة النبوية المطهرة؛ ففي حديث ثَوْبان رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَاءُ الرَّجُلِ أَبْيَضُ، وَمَاءُ الْمَرْأَةِ أَصْفَرُ، فَإِذَا اجْتَمَعَا فَعَلَا مَنِيُّ الرَّجُلِ مَنِيَّ الْمَرْأَةِ، أَذْكَرَا بِإِذْنِ اللهِ، وَإِذَا عَلَا مَنِيُّ الْمَرْأَةِ مَنِيَّ الرَّجُلِ، آنَثَا بِإِذْنِ اللهِ» أخرجه مسلم (315).
ومن الحديث السابق نجد أن تحديد نوع الجنين مباح وأن طلب نوع محدد من الذرية مشروع، وأن السعي للوصول إلى ذلك مشروع ولا إثم فيه.
تحديد نوع الجنين على مستوى الأمة
أما الأمر الثاني وهو تحديد نوع الجنين على مستوى الأمة: فهو أمر غير جائز لأن الأمر قد يتعلق حينئذٍ باختلال التوازن الطبيعي الذي أوجده الله تعالى، واضطراب التعادل العددي بين الذكر والأنثى الذي هو عامل مهم من عوامل استمرار التناسل البشري، وتصبح المسألة نوعًا من الاعتراض على الله تعالى في خلقه؛ بمحاولة تغيير نظامه، وخلخلة بنيانه، وتقويض أسبابه التي أقام عليها حياة البشر.