كانت وقفتها الوطنية مع الجيش المصري لتقديم الامتدادات وجمع التبرعات من خلال حفلتها على المسارح لم تنس، وخلدت في كتب التاريخ، ولكنها كسرت قلب الشاعر الذي أحبها وضعته في حالة اكتئاب بعد موتها، تحل اليوم ذكرى ميلاد الراحلة أم كلثوم.
اسمها الحقيقي فاطمة، وهي بنت الشيخ المأذون إبراهيم السيد، ولدت في طماي الزهايرة التابعة لمحافظة الدقهلية عام 1898، كانت حالتهم المادية لعائلة أم كلثوم منخفضة، ورغم ذلك التحقت فاطمة للكتاب التابع للقرية للتعلم.
تعلمت الغناء من أبيها الذي كان منشدا دينيا في الحفلات والمناسبات التي تقام في القرية، وخصوصًا حفلات الزواج، وكان لديها أخ يدعى خالد وكانوا يذهبون مع والدهم للغناء أيضًا.
وفي إحدى الحفلات حضر أحد القضاء، وأوصى الشيخ إبراهيم بالاعتناء ببنته، بسبب صوتها الجميل في الغناء، وتبدأ رحلة كوكب الشرق في الصعود واحتلال سلم الغناء العربي حتى وقتنا هذا.
عاشق أم كلثوم
عاش الشعر الكبير أحمد رامي، يكتب أشعار لأم كلثوم والتي بلغت إلى 137 قصيدة، ولكنه لم يأخذ منها أجر تلك القصائد بسبب حبه الشديد لها، حتى أنه دخل في حالة اكتئاب بعد وفاتها.
لم يشأ الشاعر أن يسرى على حبيبته نظام العرض والطلب في أشعار، وفي إحدى المقابلات عارضت أم كلثوم على منع أحمد رامي من أخذ مبلغ من المال بسبب قصائده: قائلة: ” انت مجنون لأنك لا تأخذ ثمن أغانيك”، رد عليها قائلا: “نعم، أنا مجنون بحبك، والمجانين لا يتقاضون ثمن جنونهم، هل سمعت أن قيس أخذ من ليلى ثمن أشعاره التي تغنى بها”.
خصص رامي يوم إجازته لأم كلثوم ليعلمها اللغة العربية والفرنسية والأدب العربي والشعر، كما قامت شقيقاته بتعليمها كيف تتصرف كفتاة قاهرية، وكانت أم كلثوم تعرف كل اليقين أنه يحبها، ولكنها لم تبادله أبدا نفس الشعور.
الحب يكسر قلب الشاعر
عاش أحمد رامي في حالة من الحزن بعد تصريحات أم كلثوم عندما قالت: “أحب في رامي الشاعر وليس الرجل”، فكتب لها يقول: “عزة جمالك فين.. من غير ذليل يهواك”.
وفي إحدى المرات اشتد الخلاف بينهما، فقالت له بين العاملين: “يا ريتني ما عرفتك يا شيخ”، فحزن وغضب، ليكتب لها: “من أنتِ حتى تستبيحي كرامتي، فأهين فيك كرامتي ودموعي، وأبيت حران الجوانح صاديا أصلى بنار الوجد بين ضلوعي”، وبعدها كتب “حيرت قلبي معاك، وهافضل أحبك من غير ما أقولك”.
فشعر الشاعر أن عمره يمر دون جدوى وأن الارتباط بأم كلثوم مستحيل، فتزوج إحدى قريباته، التي تأقلمت على قصة حبه لأم كلثوم ومع صورتها الذي وضعها في منزل الزوجية.
وعندما توفت أم كلثوم في 1975، دخل رامي في حالة اكتئاب شديدة، وكتب أجمل الكلمات في رثائها، ثم بعدها هجر الشعر، لكن عندما طلبه الرئيس السادات في حفل تأبينها عام 1976، قال أجمل الكلمات في رثائها: “ما جال في خاطري أني سأرثيها، بعد الذي صغت من أشجى أغانيها، قد كنت أسـمعها تشدو فتطربني، واليوم أسـمعني أبكي وأبـكيهــا”، وفي هذا المشهد أبكي الناس عليه وليس على رحيلها”.