في طريقي من مدينة المنصورة إلى مدينة دمياط الجديدة، كنت أتابع عبر موجات الأثير بشغف الحدث الكبير وزيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لمحافظة الدقهلية، لافتتاح مدينة المنصورة الجديدة.
وعندما انتهيت من رحلتي ووصلت إلى مقصدي لمحني جاري الاستاذ عبد العاطي، وبادرني بسؤاله البسيط قائلاً: الرئيس عبد الفتاح السيسي قال أثناء افتتاح المرحلة الاولى من مدينة المنصورة الجديدة أن هدفنا هو تقليل الواردات وتوطين الصناعة وجذب الاستثمار، فماذا يعني هذا الكلام، وبماذا سيعود علي هذا الكلام؟
فأجبته بكل سرور ومحبة: أما توطين الصناعة فيعني تحديد الصناعات التي يمكن إقامتها في مصر لتوافر العوامل أو الجزء الأهم من المدخلات اللازمة لإنتاجها.
فعلى سبيل، صناعة الأثاث في دمياط صناعة متوطنة في دمياط لتوافر الأيدي العاملة الحرفية اللازمة لإنتاج الأثاث، أيضا صناعة السكر وصناعة الملابس القطنية وغيرها من الصناعات التي يمكن التوسع فيها لتوافر البيئة المناسبة وتوافر العوامل الهامة لإنتاجها.
أما السؤال الثاني وهو ماذا يعني الرئيس بتقليل الواردات، فهو يعني تحديد أهم السلع والخدمات التي نستوردها وتستنزف العملة الأجنبية، لكي نقلل من وارداتنا منها، لأننا عندما نريد أن نستورد سلعة ما فإننا يجب علينا دفع قيمة هذه المنتجات بالعملات الصعبة يعني العملات الأجنبية وهذا يعني استنزاف رصيد مصر من تلك العملات.
وهذا يؤثر على قيمة الجنية المصري فتقل قيمته في مقابل العملات الأجنبية، فينعكس ذلك على الأسعار وبالتالي يضطر المواطن لدفع مبالغ أكثر لشراء نفس الكميات من السلع والخدمات التي يشتريها، وهذا ما يطلق عليه اقتصادياً انخفاض الدخل الحقيقي للأفراد، ومن هنا تأتي أهمية خفض الواردات.
أما السؤال الثالث وهو جذب الاستثمار فيعني العمل على توفير المناخ المناسب الذي يشجع المستثمرين المصريين والعرب والأجانب على إقامة مشروعاتهم في مصر، وهذا يتطلب اصدار تشريعات وقوانين تشمل تسهيلات للمستثمرين.
كما يتطلب تطوير شبكات الطرق ووسائل المواصلات والموانئ والاتصالات، وأيضا توفير الطاقة اللازمة بأسعار مناسبة أو مميزة، ويأتي توطين الصناعات من العوامل الهامة المؤثرة في جذب الاستثمار لما توفره من مزايا للمستثمر وللاستثمار.
بادرني الاستاذ عبد العاطي بسؤال وانا كمواطن ماذا سيعود علي؟
أجبته: توطين الصناعة يكون لمنتجات كانت تستورد من قبل أو لمنتجات سيتم تصديرها، فإذا كانت لمنتجات كانت تستورد فإنتاجها في مصر يعني تقليل الواردات وبالتالي يتوقف نزيف العملات الصعبة، مما يعني الحفاظ على قيمة الجنية المصري وإيقاف ارتفاع الأسعار.
وهذا في صالح المصريين، حيث يحافظ أو يرفع مستوى معيشتهم، أما إذا كانت المنتجات ستصدر للخارج فهذا يعني زيادة حصيلة مصر من العملات الأجنبية، بما يعني تحسن قيمة الجنية المصري في مواجهة العملات الاجنبية وفي مقدمتها الدولار.
كما أن هذا ينعكس بشكل إيجابي على المواطن المصري وعلى مستوى معيشته، كما أن توطين الصناعات يعني توفير فرص عمل أمام المصريين، فتقل البطالة بينهم وهذا له مزايا اقتصادية تتمثل في زيادة الدخل واكتساب العمالة المصرية مهارات جديدة.
فضلا عما يصاحب ذلك من إمكانية نقل أو تعميق استخدام التقنية وما تحققه من مزايا عديدة، وعلى الجانب الأخر يحقق توطين الصناعات مزايا أخري تتمثل في التخفيف من حدة المشكلات الاجتماعية، حيث ينخفض معدل الجريمة بأشكالها المختلفة من سرقة ونصب واحتيال، وأيضا يقلل مثلا من معدل الطلاق التي أصبحت ظاهرة متفشية في المجتمع المصري، وغيرها من المشكلات الاجتماعية التي تهم المواطن المصري البسيط.
أ.د. هشام حنضل عبد الباقي الجعبيري
رئيس قسم الاقتصاد – كلية التجارة – جامعة المنصورة