عيد الأم .. في قلب كل عام، تأتي هذه الذكرى العطرة، لتذكرنا بروح الحب والحنان والتضحية التي تميّز هذه الشخصية العظيمة في حياتنا.
إنه يوم جبر الخواطر ورد الجميل للأمهات، نحتفل فيه بالقوة اللامتناهية للعطاء والحنان الذي تمنحه لنا ست الحبايب والأمهات بلا مقابل، إنه يوم الوفاء الذي يجمع الرجال للركوع أمام عتبات الحنان المقدسة وكهف الحب الذي تحرسه الأمهات دون غيرها من رجال العالمين.
إنه المناسبة التي اتحد العالم على الاعتراف بفضلها والاحتفال بوجودها للتعبير عن الاحترام والتكريم والحب نحو الأم، وهي إحدى المناسبات التي تسهم في تكريم الأم والاعتراف بدورها في الأسرة والمجتمع.
عيد الأم .. 50 دولة تحتفل بيوم الوفاء للأمهات
أكثر من 50 دولة تحتفل بذكرى عيد الأم للتعبير عن وفاء شعوبها لدور الأمهات في المجتمع وأنها صاحبة الفضل الأكبر في بناء الأمم الشامخة عبر التاريخ.
إنه يوم تحتفل في شعوب هذه الدول للتعبير عن تقديرهم واحترامهم للأمهات وتقدير جهودهن اليومية في تربية أجيال المستقبل، والتعبير فيه عن مشاعر الحب والامتنان لكل أم ولنكن ممتنين لكل لحظة قضيناها برفقتهن.
عيد الأم .. يوم الركوع أمام عتبات الحنان.. فمتى بدأت حكايتها
بدأت احتفال عيد الأم عند الإغريق القدماء حيث كانوا يقيمون احتفالات كبيرة لتكريم “ريا” والدة الآلهة في الأساطير الإغريقية.
وعلى نفس النهج احتفل المسيحيون الأوائل بيوم الأحد الرابع من الصوم الكبير باعتباره «عيد للأم» لتكريم السيدة مريم، والدة السيد المسيح عليهما السلام.
وفي عام 1908، نظمت امرأة تدعى آنا جارفيس في الولايات المتحدة الأمريكية نصبًا تذكاريًا لوالدتها آن جارفيس، وهذا الحدث شكّل نقطة الانطلاق لاعتماد عيد الأم كمناسبة رسمية.
بعد وفاة والدتها في عام 1905، عملت جارفيس بجد لتكريم جميع الأمهات اللواتي قدمن الكثير من أجل الأسرة والمجتمع، وبفضل جهودها، بدأت الولايات الأمريكية تبني فكرة الاحتفال بعيد الأم كعطلة رسمية، وأصبح الأحد الثاني من مايو يومًا رسميًا للاحتفال بعيد الأم في الولايات المتحدة الأمريكية.
كيف تحتفل شعوب العالم بمناسبة عيد الأم؟
تتباين التقاليد والطقوس الخاصة باحتفالات عيد الأم من دولة لأخرى ومن شعب لآخر، ولكنه في جميع دول العالم يُعتبر يوماً لتكريم الأم، وطقسًا جذوره عميقة في التقاليد والعادات المحلية.
وتتنوع الاحتفال بعيد الأم من دولة لأخرى وذلك على النحو التالي:
عيد الأم في الولايات المتحدة الأمريكية:
يحتفل المواطنون بعيد الأم في الولايات المتحدة الأمريكية بتقديم بطاقات خاصة وهدايا للأمهات، مع تقديم وقت من الراحة والاستجمام لهن، كما يتم أيضًا تقديم زهور القرنفل، وذلك تكريمًا لأم آنا جارفيس التي كانت تفضلها.
عيد الأم في المملكة المتحدة:
في المملكة المتحدة يتم تقديم الزهور والهدايا للأمهات، مع تحضير غداء عيد الأم لهن، ويُعتبر هذا اليوم يومًا للراحة والاحتفال تكريماً للأمهات.
عيد الأم في فرنسا:
وفي فرسنا يحتفل المواطنون بعيد الأم والذي من خلال إعداد مساحات من الكعك على شكل زهرة هدية شائعة، ويتم تحضير وجبات كبيرة للأمهات للاحتفال بهذا اليوم.
عيد الأم في المكسيك:
يُحيي الأطفال هذا اليوم بتقديم مسرحيات هزلية، ويقومون بتحضير البطاقات كهدايا، ويأخذون أمهاتهم إلى المطعم لتناول الطعام.
عيد الأم في كندا:
يُعتبر عيد الأم عطلة مع تقديم زهور القرنفل والهدايا الشائعة، وقد يرتدي البعض دبابيس القرنفل كرمز لهذا اليوم.
عيد الأم في الهند:
يُقام مهرجان دورجا بوجا لمدة 10 أيام احتفالاً بعيد الأم وتكريماً للأمهات، ويُعتبر هذا الاحتفال دينيًا ومناسبة لجمع العائلة وتبادل الهدايا.
عيد الأم في اليابان:
يتم تقديم زهور القرنفل للأمهات لتعبير عن الحلاوة والمحبة، حيث يُعتبر القرنفل الأحمر رمزًا للأم الحية، والقرنفل الأبيض للأم المتوفاة.
عيد الأم في مصر:
تعتبر هذه المناسبة من المناسبات المقدسة في مصر حي يحتفل المصريون كل عام بعيد الأم في 21 مارس ويقدمون الهدايا والزهور للأمهات تكريماً لهن على دورهن في حياة الأسرة.
كيف يحتفل المصريون بعيد الأم
في مصر، يحتفل المصريون بعيد الأم في يوم 21 مارس من كل عام، الذي يصادف أول أيام فصل الربيع.
وتعتبر هذه المناسبة فرصة لتكريم الأمهات وإظهار الامتنان لهن عن طريق تقديم الهدايا والكلمات الدافئة. ورغم أن هذا اليوم لا يُعتبر عطلة رسمية، إلا أن العديد من المؤسسات والمدارس تحرص على تكريم الأمهات وتقدير دورهن المهم في المجتمع.
وتشمل طقوس الاحتفال بعيد الأم في مصر تقديم الهدايا والزهور للأمهات، وتحضير الغداء الخاص بهن لجعل هذا اليوم يومًا مميزًا لهن.
وتقوم بعض الجهات الحكومية بتنظيم مسابقات وفعاليات لتكريم الأمهات المثاليات، وتمنحهن وسام الكمال تقديرًا لجهودهن وتضحياتهن.
ويتواصل هذا التقليد التكريمي على مدار السنوات، حيث تعمل وزارة التضامن الاجتماعي على تنظيم مسابقات سنوية لاختيار الأمهات المثاليات بغض النظر عن مكان عملهن أو وضعهن الاجتماعي.
هل هناك تاريخ موحد للاحتفال بعيد الأم؟
لا يوجد تاريخ موحد على مستوى العالم للاحتفال بعيد الأم، ولكنه يختلف من يوم لأخر وذلك على النحو التالي:
- النرويج: يوم الأحد 2 فبراير.
- ألبانيا، أرمينيا، أذربيجان، بيلاروسيا، بلغاريا، كازاخستان، مولدوفا، روسيا، صربيا، فيتنام: 8 مارس.
- غيرنسي، أيرلندا، جزيرة مان، جيرسي، نيجيريا، المملكة المتحدة: الأحد الرابع من الصوم الكبير.
- مصر، العراق، الأردن، الكويت، ليبيا، لبنان، موريتانيا، عُمان، فلسطين، قطر، السعودية، الصومال، السودان، سوريا، الإمارات العربية المتحدة، اليمن: 21 مارس.
- جنوب إفريقيا، سريلانكا، سويسرا، تركيا، أوغندا، أوكرانيا، الولايات المتحدة الأمريكية، أوروغواي، فيتنام، أستراليا، البرازيل، كندا، كمبوديا، الصين، كولومبيا، كرواتيا، كوبا، قبرص، الدنمارك، إثيوبيا، فنلندا، ألمانيا، اليونان، هونج كونج، الهند، إيطاليا، جامايكا، اليابان، ماليزيا، مالطا، ناميبيا، هولندا، نيوزيلندا، باكستان: يوم الأحد 2 مايو.
- المكسيك، السلفادور، غواتامالا: 10 مايو.
- بولندا: 26 مايو.
- الجزائر، الكاميرون، جمهورية الدومينيكان، فرنسا، هايتي، مدغشقر، مالي، موريشيوس، المغرب، النيجر، السنغال، السويد، تونس: الأحد الأخير من شهر مايو.
- تايلاند: 12 أغسطس.
- ملاوي: 15 أكتوبر.
عيد الأب .. كيف تحتفل النساء بفارس الأحلام
عيد الأب من المناسبات الحديثة التي تم استلهامها من مناسبة عيد الأم، وقد بدأت هذه الفكرة في ولاية فرجينيا الغربية عندما قامت الكنيسة بتكريم الآباء في يوم الأحد بعد وفاة 362 رجلًا في تفجيرات ديسمبر.
وفي العام 1910، أُقرَّ عيد الأب للمرة الأولى كعطلة وطنية في الولايات المتحدة، وذلك بفضل جهود الرئيس وودرو ويلسون بعد أن جعل عيد الأم رسميًا، ومنذ ذلك الحين، يُحتفل بعيد الأب في الولايات المتحدة في يوم الأحد الثالث من شهر يونيو، وقد صادف عيد الأب لعام 2022 يوم الأحد 19 يونيو.
ما حكم الدين في الاحتفال بعيد الأم؟ دار الإفتاء المصرية تجيب
دار الإفتاء المصرية أوضحت أنّ الاحتفال بعيد الأم ليس ببدعة محرّمة، بل يعدّ من مظاهر البر والإحسان المأمور بهما شرعًا.
وأكدت الدار أنّ الشريعة لا تمنع من إقامة مناسبات تعبر فيها الأبناء عن مشاعرهم الطيبة تجاه أمهاتهم.
وأكدت دار الإفتاء أن الإسلام جاء بتكريم الإنسان من حيث هو إنسان بِغَضِّ النظر عن نوعه أو جنسه أو لونه فإنه أضاف إلى ذلك تكريمًا آخر يتعلق بالوظائف التي أقامه الله فيها طبقًا للخصائص التي خلـقه الله عليها، فكان من ذلك تكريم الوالدين اللذين جعلهما الله تعالى سببًا في الوجود، وقرن شكرهما بشكره؛ فقال تعالى: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾ [لقمان: 14].
كما جعل القرآن الأمر بالإحسان إليهما بعد الأمر بعبادته سبحانه وتعالى فقال: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [الإسراء: 23]
كما أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الأم أولى الناس بحسن الصحبة، بل ويجعلها مقدمة على الأب في ذلك؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: أُمُّكَ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أُمُّكَ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أُمُّكَ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أَبُوكَ».
ومن مظاهر تكريم الأم الاحتفاء بها وحسن برها والإحسان إليها، وليس في الشرع ما يمنع من أن تكون هناك مناسبة لذلك يعبر فيها الأبناء عن برهم بأمهاتهم؛ فإن هذا أمر تنظيمي لا حرج فيه.
وأشارت دار الإفتاء المصرية إلى أن هذا الاحتفال لا صلة له بمسألة البدعة التي يدندن حولها كثير من الناس؛ فإن البدعة المردودة هي ما أُحدث على خلاف الشرع؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ».
كما أن النبي صلى الله عليه وسلم أقر العرب على احتفالاتهم بذكرياتهم الوطنية وانتصاراتهم القومية التي كانوا يَتَغَنَّوْنَ فيها بمآثر قبائلهم وأيام انتصاراتهم، كما في حديث الصحيحين عن عائشة -رضي الله عنها «أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها جاريتان تغنيان بغناء يوم بُعاث».
وجاء في السنة «أن النبي صلى الله عليه وسلم زار قبر أمه السيدة آمنة في أَلْفَيْ مُقَنَّع، فما رُؤِيَ أَكْثَرَ بَاكِيًا مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ».
كما أن بر الأمهات في هذا اليوم صلة للأرحام وهو أمر أوجبه الإسلام كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ، تَقُولُ: مَنْ وَصَلَنِي وَصَلَهُ اللَّهُ، وَمَنْ قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللَّهُ».
وفي الحديث القدسي: «قَالَ اللَّهُ عز وجل: أَنَا اللَّهُ، وَأَنَا الرَّحْمَنُ، خَلَقْتُ الرَّحِمَ، وَشَقَقْتُ لَهَا مِنَ اسْمِي؛ فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَهَا بَتَتُّهُ».
وشددت دار الإفتاء المصرية في بيانها على أن الاحتفال بالعادات الحسنة لأصحاب الثقافات الأخرى من غير الدول الإسلامية مشروع ما دامت تتفق مع صحيح الإسلام، وفي مقدمتها الاحتفال بعيد الأم باعتباره نشرًا لقيمة البر بالوالدين في عصر أصبح فيه العقوق ظاهرة تبعث على الأسى والأسف، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة؛ حيث كان يحب محاسن الأخلاق ويمدحها من كل أحد حتى ولو كان على غير دينه.
وأكدت الدار أنه «لما أُتِيَ بسبايا طَيئ كانت ابنة حاتم الطائي في السبي؛ فقالت: يا محمد، إنْ رأيتَ أن تُخَلِّيَ عني ولا تُشْمِت بي أحياء العرب؛ فإني ابنة سيد قومي، وإن أبي كان يحمي الذِّمار، ويَفُكُّ العاني، ويُشبع الجائع، ويكسو العاري، ويَقري الضيف، ويطعم الطعام، ويُفشي السلام، ولم يَرُدّ طالب حاجة قط.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يَا جَارِيَةُ، هَذِهِ صِفَةُ المُؤْمِنِينَ حَقًّا، لَوْ كَانَ أَبُوكِ مُؤْمِنًا لَتَرَحَّمْنَا عَلَيْهِ؛ خَلُّوا عَنْهَا فَإِنَّ أَبَاهَا كَانَ يُحِبُّ مَكَارِمَ الأَخْلاقِ، وَالله تَعَالَى يُحِبُّ مَكَارِمَ الأخْلاقِ، فقام أبو بُردة ابن نِيار فقال: يا رسول الله، واللهُ يحب مكارم الأخلاق؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ أَحَدٌ إِلاَّ بِحُسْنِ الخُلُقِ».
واختتمت دار الإفتاء المصرية بقولا، «إن الاحتفال بيوم الأم أمر جائز شرعًا لا مانع منه ولا حرج فيه، والبدعة المردودة إنما هي ما أُحدث على خلاف الشرع، أما ما شهد الشرع لأصله فإنه لا يكون مردودًا ولا إثم على فاعله».