جمعت الفنان الراحل صلاح السعدني، بالفنان نور الشريف، صداقة عريقة فهما من زمن الفن الفن الجميل، وأبناء جيل واحد، عاصرا سويًا البدايات وراء موهبتهما، في وقت وكانا لا يملكان قوتا يومهما، وعاشا أحلامًا وردية سويًا، إلى أن أصبحا نجمًا من نجوم الفن.
ولعل نور وصلاح التقيا في منطقة مهمة أعتقد أنها كانت سببا أساسيا في تلك العلاقة القوية، وهي الثقافة، فكان معروف عن نور وصلاح حبهما للقراءة وإطلاعهما الدائم وشغفهما بكل مفردات الحياة.
بدأت صداقة صلاح السعدني، بصديق عمره نور الشريف، على ضفاف النيل مرتديًا جلباب عمه، وبدأ كل واحد منهما يتذكر بدايتهما، في السيدة زينب والجيزة، وتذكر السعدني موقفًا طريفًا، عندما قرر نور الشريف في شهر رمضان، أن يعزم “السعدني” على الفطار.
وبالفعل ذهب “السعدني”، في الموعد المحدد واليوم المحدد، ورحبت عمة نور الشريف بالسعدني، وشعر وقتها أن تربطهم ببعض علاقات صداقة قديمة، وبمجرد أن رأه نور الشريف، تغير لون وجهه، وظهرت عليه ملامح الإحراج، لأنه نسى أنه كان عازم السعدني.
وبدأ يمزح نزر الشريف مع السعدني، أنه “مكنش عندهم أكل اليوم ده غير فول بقوطة”، فرد عليه مزاحًا السعدني أيضًا، بقوله” “وأنا كنت جاي أفطر علشان معندناش أكل برده”، وهذا دليل على المحبة والصداقة الحقيقية بينهما.
وذهبا صلاح السعدي ونور الشريف، ليفطرا عند صديقهم نبيل الهجرسي، الذي وصفوه بالغني الذي لا يخلوا بيته من اللحمة، وظل هذا اليوم في ذاكرتهم، حتى بعدما أصبحوا نجومًا كبيرة.
وسأل السعدني نور الشريف، عن سر المسرح الخشبي، الذي كان يضعه في مكتبه، وكان السر أن هناك مخرج إنجليزي، يسمى إدوارد يورجن كويك، قرر عمل مسرح عرائس من الخشب، وكل الممثلين خشبية بأحجام مختلفة، لأنه ضج من الممثلين الحقيقين.
ولكن عندما أقامها نور الشريف، كشف أنها ساعدته علي فهم العلاقة، بين الممثل والمخرج الذي وصفها بعلاقة خطيرة، ونفى “الشريف” النغمة السائدة بأن الممثل موهبة فقط، مؤكدًا أن العلم مهم جدًا للمثل، حتي لو لم يلتحق بالمعهد، فلابد أن يثقف نفسه كي تصبح العلاقة بين المخرج والممثل أكثر قربًا.
وأوضح “السعدني” خلال اللقاء، بقولة الإمام الشافعي، عندما سأل هل تعرف كذا فقال لا، وكذا فقال لا، فقالوا كيف لا تعرف وأنت الإمام الشافعي، فرد عليهم قائلًا: “لو عندي من الجمال بقدر مالا أعرف لصرت أغنى الناس”.
واستمرت العلاقة والصداقة بين صلاح السعدني ونور الشريف رحمهما الله، لأكثر من 50 عامًا، رحمهما الله، فقد رحلا عن عالمنا، ولكن ستظل أرواحهما وأعمالهما معنا إلى الأبد.