صوت بكاء رضيعة ومشادة كلامية عالية قطع سكون الليل , استمع إليها سكان أحد الشوارع بمنطقة الأميرية، رغم انهم اعتادوا سماع تلك الأصوات بصورة يومية، بسبب الخلافات التي لا تنتهي بين الزوجين الذي عادة ما تبدأ بمشادة كلامية ثم تحتد حتى تتحول لمشاجرة، لوجود ازمات مالية طاحنة دفعتهما لبيع المشغولات الذهبية الخاصة بالزوجة، ثم أثاث المنزل الذي يقيمان فيه.
اعتاد الزوجان الشجار بسبب سوء حالتهما المادية، ليتسبب صوتهما العالي في إزعاج رضيعتهما التي لم تمضي إلا شهرين في تلك الحياة البائسة لتنفجر في البكاء؛ ولكنها لم تدري أن المشاجرة الأخيرة لوالديها ستنتهي بنظرة خبيثة منهما لتختمر في ذهنهما فكرة شيطانية لحل الأزمة المالية التي حلت بهما.
“طفلة عمرها شهرين للبيع مقابل 30 ألف جنيه”، جملة دونها والد الطفلة الذي انتزعت من قلبه كل صور الرحمة، وقرر بيع طفلته، بينما كانت الأم تحمل الرضيعة وتهدهدها وتذرف دمعة عابرة وجدت طريقها على خديها، فكيف بعد أن حملتها 9 أشهر داخل أحشائها تتخلى عنها بتلك البساطة، ولكنها تمسح دموعها بطرف ثيابها خوفًا من بطش زوجها، وحاولت مؤازرته قائلة: “نقدر نجيب غيرها تاني”.
عدة ساعات مضت على المنشور، ليشاهده عدد ليس بالقليل، ولكن البعض اعتبرها مزحة من الأب، وآخرين ظنوا أنه فخ لاستدراجهم وسرقتهم، حتى أتت الرسالة الحاسمة من أحد الحسابات: “التسليم هيكون إمتى وفين”، ليفرح الأبوين ويبتسمان ابتسامة شيطانية بمجرد التفكير في المبلغ المالي الذي سينهي أزمتهما المالية.
في نفس الوقت داخل مكاتب الإدارة العامة لمباحث رعاية الأحداث، كان أحد الضباط يتواصل مع الأب عبر حسابٍ وهمي لسيدة عاقر تتمنى أن تحمل طفلًا وتضمه؛ فتطلب رؤية الطفلة للتأكد من جدية عملية البيع والشراء ليبتلع الأب الطعم ويرسل صورة لرضيعته بوجهها الملائكي، ولا تمضي إلا ساعات قليلة، ويجد الأبوين نفسهما محاطين بالشرطة التي أحبطت مخططهما لبيع الرضيعة.
تمكنت الإدارة العامة لمباحث رعاية الأحداث بقطاع الشرطة المتخصصة تنسيقاً وقطاع الأمن العام من رصد تداول منشور على أحد الحسابات الشخصية على موقع التواصل الغجتماعى “فيس بوك” يعرض فيه صاحب الحساب المشار إليه طفلة للبيع أو التبنى مقابل مبلغ مالي.
وعقب تقنين الإجراءات أمكن تحديد صاحب الحساب المشار إليه وتبين أنه والد الطفلة، ومقيم بدائرة قسم شرطة الأميرية بالقاهرة، وتم ضبطه حال قيامه بعرض الطفلة المشار إليها للبيع وبصحبته زوجته، ومقيمة بدائرة قسم شرطة الزيتون، حاملة لطفلة حديثة الولادة، وبحوزتهما شهادة ميلاد للطفلة المشار إليها والمعروضة للبيع، وبمواجهتهما اعترفا بقيامهما بعرض الطفلة المشار إليها للبيع على النحو المشار إليه.
وتم اتخاذ الإجراءات القانونية، والتنسيق مع الجهات المعنية لاتخاذ الإجراءات اللازمة نحو الطفلة.