الغل .. آفة أخلاقية وكبيرة دينية تعني العديد من الجرائم الآخلاقية من أبرزها الحقد والحسد والعداوة والبغضاء والضغينة للآخرين.
ولا ينكر أحد أن الغل مرض خطير من الأمراض التي تصيب القلوب في الدنيا، ومن خطورة هذا المرض، أن الله جله نوذجاً للأمراض التي لا يصح دخول الجنة بها، وجعل له علاجاً قبل دخول الجنان.
وقدم القرآن الكريم علاج الغل على كافة الأمراض في الآخرة، وجعل نقاء القلوب من هذا المرض أول جائزة يفوز بها أهل الجنة.
يقول الله تعالى في القرآن الكريم: « وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ» (الأعراف:43)
القرآن الكريم يعالج الغل بأسلوب رباني
إن المتأمل في معنى قول الله تعالى: « وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ»، يعرف خطورة هذا المرض الخطير وهو من أخطر أمراض القلوب، التي تتسبب في قتال الأخوة في الدين والنسب.
وهنا بلاغة وإعجاز القرآن الكريم في لفظ «وَنَزَعْنَا»، حيث يدل اللفظ على انتزاع الله هذا المرض من قلوب أهل الجنة، ليعيشوا إخواناً متآلفين ومتحابين.
ثم يصور لنا القرآن الكريم كيف يعالج الله الناس من الغل الذي يصيب القلوب.
فيقول تعالى: «الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» (الأعراف:157)
الشفاء من مرض الغل .. دعاء أهل الجنة
ومن خطورة هذا المرض اللعين، وهو مرض الغل والحقد والحسد، جعله الله دعاءاً لأهل الآخرة.
يقول الله تعالى: « وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ» (الحشر:10).
وعندما مدح الله أنبيائه، وصفهم بالبراءة من داء الغل، حيث قال تعالى: «وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ» (آل عمران:161).