متى يحسم الصراع بين حراس التراث ودعاة الخطاب الديني الجديد؟ .. سؤال يطرح نفسه يومياً على موائد العلماء والمفكرين ولم نجد له إجابة شافية حتى الآن.
الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أجاب على هذا السؤال في مؤتمر «تعزيز قيم المواطنة والتعايش» الذي تنظمة الإمارات الذي يتحدث عن تجديد الخطاب الديني.
حيث أكد الدكتور شوقي علام أن الأصالة تعني حفاظ الأمة على شخصيتها وهويتها التي كوَّنتها الأحداث والأجيال الطويلة والمؤثرات الأصيلة في حياتها من الدين واللغة وإنجازات العصور المتعاقبة.
أما المعاصرة فتعني استفادة الأمة بعلوم حاضرها وتفاعلها مع قضايا الواقع المتغير، وهنا نجد أن مفهـوم التأصيل لا ينفصل عن مفهوم التجديد، بل إن بينهما تكامل وثيق؛ فلا تأصيـــل بـلا تجديـد، ولا تجديد بلا تأصيل.
وشدد مفتي الجمهورية على أن تجديد الخطاب الديني لا يعني هدم التراث الإسلامي والتخلي عن الثوابت والمبادئ العامة للشريعة الإسلامية، ولكنها تعني توظيف التراث الإسلامي والبناء عليه لمواجهة قـضايا العصر الأساسية.
وأشار الدكتور شوقي علام إلى أنه لكي يكون الفكر المنتسب إلى الإسلام أصيلًا ومجددًا ينبغي أن يجمع بين أمرين.
الأمر الأول: أن تكون هناك موافَقة منهجية متوافِقةً في الغاية مع ما جاء في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
والثاني أن تكون معرفة واعية بالعصر الذي نعيش فيه؛ ليتفاعل معه بأصالته.
وأكد الدكتور شوقي علام أن الإسلام أقرَّ ممارساتٍ كانت في الجاهلية حين وجدها تتفق وجوهرَ دعوته إلى محاسن الأخلاق.
مؤكداً أن المنهج الإسلامي لا يرفض كل ما عند الآخرين، وإنما يضعه تحت مجهر الفحص للحكم على مدى انسجامه أو اختلافه مع قيم الإسلام وشمولية نظرته للكون، وهذا المنهج هو الذي صاغ به المسلمون حضارتهم التي أبهرت العالم.
وأشار إلى أن المسلمون لم يتورعوا من أن يأخذوا من حضارات الإغريق والروم والفرس وغيرهم، مما يعني أن هذا المنهج قادر على استيعاب نتاج الحضارة المعاصرة، وإخضاعه لمضامين التصور الإسلامي وقيمه الإنسانية السامية.
وشدَّد الدكتور شوقي علام على على أن الخطاب الديني في حاجة ماسة للتجديد، وبخاصة في التأكيد على القضايا والموضوعات التي هي بمثابة قاسم مشترك بين شعوب الأرض قاطبة.
وأكد علام أن هناك قواسم مشتركة بين جميع الأديان منها الدعوة إلى مكارم الأخلاق، والمساهمة في سعادة إنسان العصر، وكذلك مواجهة الكوارث التي أنتجها الخطاب الديني المتطرف.
وهو ما يعني أن العلاقة بين الأصالة والتجديد علاقة تكامل وليست علاقة هدم وتعارض بين الماضي والحاضر.