الإثنين 16 سبتمبر 2024
الايام المصرية
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى

يولد الإنسان طفلاً ذوعقل صافِ لا يعلم شيئًا، لأنه ليس له ماضي يتعلم منه، ونتذكر جيدًا تصرفات الذي لا يعلم الخطأ من الصواب، والكبار يتفهمون تلك التصرفات بأنها بريئة لأن الطفل ليس له ماضِ يعلمه كيف يتصرف.

ثم يكبر الإنسان ويتعلم القراءة والكتابة والحساب، حتى يصبح العلم الذي اكتسبه ماضي فيستطيع قراءة كل شىء أمامه وكتابة ما يريده، وحساب الزمان وإدارة أمور مادية وغيرها من النقاط.

ومن هنا يملك الإنسان الماضي الذي يستعيد منه العلم الذي يحتاجه بهدف التفكير ببعد نظر ودراسة جدوى كل تجربة يريد خوضها.

وتخيل معي أيضاً أن القرآن الكريم بلا قصص، وبدون سرد أحداث شهدتها الأرض، واكتفى بالأوامر والنواهي، مع ذكر الجزاء من يلتزم ومن يعصي، فكيف يكون الناس ولا سيما الذين آمنوا، ربما نؤمن لكننا قد لا نعتبر بجزاء من يعصى أو يخالف أوامر الله ونواهيه من قبلنا، قد نلتزم لكننا في نفس الوقت لن نتدبر حكمة الله ومشيئته.

ويعد ثلُث القرآن الكريم من القصص سواء قصص الأنبياء أو قصص الصالحين وغيرهم، والغرض منه أخد العبرة والتحذير من تكرار أخطاء من قبلنا، حتى لا نكرره نحن الجيل الجديد، والجيل القادم بعدنا.

ففي عهد سيدنا موسى أنزل الله سبحانه وتعالى الألواح على النبي ليقرأها لبني إسرائيل، وهي تضمن الأوامر والنواهي بشكل واضح وضوح الشمس لعل بني إسرائيل يتفهمون ويلتزمون، لكنهم جادلوه وارتكبوا بما يخالف ما جاء في الألواح، وغيرها من الأخطاء ووصل بهم الأمر إلى قسوة القلب إلى حد أشد من الحجارة.

فذكر الله سبحانه وتعالى قصص بني إسرائيل مع سيدنا موسى ومن بعده في القرآن كثيراً حتى نعتبر بتصرفات بني إسرائيل ولا نصل إلى مستواهم، ونتدبر مدى صبر سيدنا موسى على أذاهم وتجاوزاتهم - إلا قليلاً منهم - تجاه سيدنا موسى أقلها أنهم ينادونه باسمه " يا موسى" دون لقب نبي الله أو احترام مكانته عند ربه.

لذلك أرى أن عمود الرسالة بل عمود الأمة هو التاريخ، ومن خلاله نستطيع أن نتعلم من أخطائنا، وندرس مشاكلنا والوصول إلى حلها، ودون التاريخ حتما سنصل إلى التيه ونقع في الأخطاء بكل سذاجة، ستتصرف الأمة مثل الطفل الذي لا يزيد عمره عن ثلاث سنوات لا يعلم شيئاً عن نفسه.

وبدون التاريخ لن يعرف الجيل الجديد إنجازات وانتصارات حققها عظماء من قبله، ولن يعرف عدوه الحالي الذي يتربص بنا منذ عقود، لا سيما أن العدو يدرس التاريخ المزيف بكل اهتمام وعزيمة في مدارسه من أجل تحقيق أهدافه المزعومة، وبدون استخدام كلمة "التاريخ" ربما لن يستطيع العدو أن ينفذ خطته أو يروج لنفسه أنه الأحق في شيء وهو في الحقيقة ليس له الحق فيه.

ولا ريب أن التاريخ هو الذي يقودنا إلى الحاضر الذي نعيشه الآن، وهو من خلاله نستطيع أن نتوقع المستقبل، فإذا درسنا التاريخ فإن الحاضر سيمضي على ما يرام ونعيش مستقبلاً بما نتمناه، وبدونه سنصبح مشتتين لا يحكمنا سوى مشاعر، أو أعداء صنع لأنفسهم التاريخ ولو كاذبًا.

تم نسخ الرابط