آيات الجِهاد مُصطلح شرعي، توضح معنى أعلى عبادة لله، إلا نفس المصطلح له معانِ أخرى في شريعة جماعات الشر والعصابات الإرهابية التي اتخذت من الدين ستاراً للتربح.
إن آيات الجِهاد تتفق على مبدأ واحد وهو أن الإسلام لا يُعْمِل السَيف إلا في حالة واحدة وهي الدِفاع عن الدين والنَفْس والعِرض، وهو عكس ما تؤمن به جماعات الشر.
يقول الشيخ محمود عاشور أمين عام الفتوى بالأزهر الشريف إن آيات الجِهاد هي أكبر دليل على سماحة الإسلام، لأنها تعني الدفاع عن النفس والدين والعرض وليس القتل والإرهاب كما تؤمن الجماعات الإرهابية.
وأضاف، إن الله جعل للمجاهدين مرتبة علية لأنهم يقدمون أرواحهم وأموالهم من أجل الإنسانية حيث يقول الله تعالى: «لَـكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ».
الشيخ محمود عاشور: آيات الجِهاد أكبر دليل على سماحة الإسلام
ويضيف الشيخ محمود عاشور إن المُتأمِل في البِناء اللُغَوي للآية الكريمة وهي من آيات الجهاد يجدها جاءت بالأسلوب الإنشائي الخَبرَي، فالآية الكريمة «تُخبرُنا» ولا «تأمُرنا» وشَتان بين الخَبَر والأمْر.
فالخَبَر يترَتَب عليه المَعْرِفة والإلمام بالأمْر والاقتداء بهَدي النبي صلي الله عليه وسلم، أما الأمْر فيترَتب عليه الوجوب والإلزام والسَمْع والطاعة وإلا يُصبِح المؤمِن عاقاً لله ورسوله.
والآية الكريمة تُخبِرنا بحال النبي وأصحابه وقتَ الجِهاد، فلم يَقتلوا شَيخاً ولا امرأة ولا طِفلاً، ولم يغتَصِبوا حُرْمة أو يَهتِكوا عِرْضاً.
فوصَفَهم الله بِخَير وَصْف كما جاء في قوله تعالى: «لَـكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ».
والآية الكريمة تتحدث عن كل أنواع الجِهاد الذي أمرَ به الله سبحانه وتعالى وفي مُقدمته جِهاد النَفْس ومَنْعَها من الظُلم والمَعْصية وأكْل حقوق الناس وسَفْك الدِماء، وحِفْظ حقوق وأموال وأعراض الناس، ثمّ جِهاد المال والإنفاق في سبيلِ الله، ثُمَّ يأتي في آخرها جِهاد «القِتال» المشروع وهو جِهاد الدَفْع لحِماية الدين والنَفْس والعِرض والوطن.
وجعل القرآن الكريم القِتال وهو أخِر أنواع الجِهاد مُقيداً بقيود صارِمة ومُحدداً بشروط حازِمة ولم يجعَله مُباحاً، يأتي في مُقدمَتها أنْ يكون «جِهاد دَفْع» لرَد العُدوان، وليسَ للاعتداء على الآخرين.
أمين عام الفتوى بالأزهر الشريف: الإسلام حدد ضوابط صارمة للجهاد
وشدد الشيخ محمود عاشور أمين عام الفتوى بالأزهر الشريف على أن الإسلام حدَّد لقِتال الدَفْع آداباً وشُروطاً ومنها أن المُجاهِد «لا يَغدِر ولا يُفسِد ولا يَقتُل امرأة أو شَيخًا أو طِفلا، ولا يَتبَع مُدبرا، ولا يُجهِز على جريح، ولا يُمثِل بقَتيل، ولا يُسيء إلى أسير، ولا يلطِم وجها، ولا يتعَرض لمُسالِم ولو كان مُلحداً وكافراً بالله، لأنَّ الدين كلُه لله، قال تعالي: «لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ».
وقال تعالى: «وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ حتى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ».
كما جعَل أمْرَ الجِهاد وقَراره حِكْراً وحَصْراً على وليّ الأمر وهو حاكِم الدولة، ولم يجْعَل الله سبحانه وتعالى لعامة الناس أو الجماعات الإرهابية المارِقة عن حدود الدين.