أليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه، ومن يضلل الله فما له من هاد. ومن يهد الله فما له من مضل . أليس الله بعزيز ذي انتقام. ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله ، إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسبي الله ، عليه يتوكل المتوكلون ) .
ما أعجب هذا القرآن الكريم !
كلما فتحته وقعت عيناك على آيات تعلمك القيمة الحقيقية للدنيا، وبلاهة التمسك بها واليقين في دوامها مع أن كل الدلائل والأحداث والآيات الكونية تشير لك إلى نموذج يومي يعرض عليك فكرة البداية والنهاية!!
أرأيت إلى الليل ؟!
"قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيۡكُمُ ٱلَّيۡلَ سَرۡمَدًا إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ مَنۡ إِلَٰهٌ غَيۡرُ ٱللَّهِ يَأۡتِيكُم بِضِيَآءٍۚ أَفَلَا تَسۡمَعُونَ"؟!
أرأيت إلى النهار ؟!
قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيۡكُمُ ٱلنَّهَارَ سَرۡمَدًا إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ مَنۡ إِلَٰهٌ غَيۡرُ ٱللَّهِ يَأۡتِيكُم بِلَيۡلٖ تَسۡكُنُونَ فِيهِۚ أَفَلَا تُبۡصِرُونَ"؟!
أرأيت إلى الشمس والقمر؟!
كلٌّ يجري إلى أجل مسمّى …. فالشمس كما أخبر القرآن تجري لمستقر لها .. والقمر مقدر له منازل لا ينبغي لأحدهما أن يدرك الآخر .. بقدرة الله الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض!!
أرأيت إلى المخلوقات كيف تولد وتشب وتكبر وتموت؟!
إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيماً تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا…
إن كل شيء له بداية ونهاية
فمن الذي تقوم به كل هذه الأحياء .. ومن الذي إذا غفل لحظة لم تبق سماء ولا أرض ولا جبال وانهارت كل التقديرات والحسابات والفيزياء الحاكمة والكيمياء الرابطة والتطورات الأحيائية وعلاقاتها وجيناتها وخلاياها الجذعية وغير الجذعية
ومن الذي لو غاب غمضة عين لانهار النظام الكوني بأكمله ؟!..
إنه الله .. الله الحي القيوم القادر المقتدر
ثم يأتي بعد حكم الله وإحكامه من يخوفك بمخلوق ضعيف .. !!
مخلوق يخيل إليك أنه يملك أن يضر وينفع!! أو يظن دون الخلق أنه له مع الله تصرفاً وهو من إذا أصابه فيروس صغير استجار بالطب والدواء ونادى وصرخ ..
مخلوق لا يستطيع أن ينيم نفسه أو يوقظها!!
مخلوق لا يستطيع أن يفتح شهية سدها المرض !!
أو يسد شهية فتحتها الصحة والعافية!!
مخلوق لا يستطيع إعمال خلايا الذوق في لسانه إذا عجزت !!
أو تعطيلها إذا عملت..
ويخوفونك بالذين من دونه!!!!
وهل يملك الضرر أحد إلا أن يكون الضر قدرا مقدورا؟!
وهل يملك النفع أحد إلا أن يكون النفع قدرا مقدورا؟!
لذلك كان ختم الآية : ومن يضلل الله فما له من هاد
فظاهر الحديث لعله كان يقتضي أن يقال : والله هو القوي الذي لا يستطيع أحد معه شيئا !!
لكن الآية انصرف وصرفت القاريء إلى أن مجرد التفكير في تدخل العبد مع الله أو امتلاك الضر والنفع معه يعد ضلالا يحتاج إلى تعديل الطريق لأنه شك في مسلمات لا يجوز الشك فيها ..
ومن يضلل الله فما له من هاد!!
ومن يهد الله فما له من مضل ..
سطران فيهما ناموس كوني مذهل من عرفه حق معرفته استراح واطمأن ..
ثم يأتي تساؤل : أليس الله الذي يفعل ذلك كله بعزيز ذي انتقام؟!
إن دخول الباء على خبر ليس في اللغة العربية كثير وكثير جدا
لكن لعلك تلاحظ معي فوق القيمة الدلالية للباء الداخلة على الخبر "عزيز" هناك قيمة نغمية تأتي من تكرار الزاي مع النون الساكنة في التنوين بعزيزٍ (ن) ثم تكرارها مع ذي انْـتقام
ستلاحظ تكرار مقع " زن ذِي انـ "
وكأني بالصوت يريد أن يترك صدى في قبو الرأس وتجويف القلب لما يجب أن يحدث به المرء نفسه !! حقا أليس الله هذا العظيم كله بعزيز ذي انتقام إذا أراد ؟!! فمن هؤلاء الذين يخوفوننا بهم من دونه سبحانه وتعالى!!!!
سأترك حديثه عن مشركي قريش وقوله :"ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله ، إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسبي الله ، عليه يتوكل المتوكلون ) .
وأقفل بقوله تعالى قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون ..
"حسبي الله" معناها = الله يكفيني وهي رد على التساؤل الأول :أليس الله بكاف عبده؟!
ثم : "عليه يتوكل المتوكلون " جملة فيها حصر وقصر بتقديم الجار والمجرور " عليه" أي عليه لا على غيره تكون حقيقة التوكل
إذ كل توكل على غيره باطل لا قيمة له ..
فالتوكل الحقيقي التحقيقي لا يكون إلا عليه سبحانه وتعالى وحده .. حتى مع السبب فأنت تأخذ بالسبب لكن ترى الله وراء السبب فلا تعول على السبب في ذاته .. والله تعالى أعلم.
موقع الأيام المصرية، يقدم لكم تغطية شامل ومتنوعة لكافة الأخبار والأحداث المحلية والعالمية، في شتى المجالات، السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، الرياضية، الفنية، ونرصد لكم الخِدْمَات الهامة سعر الذهب، سعر الفضة، سعر اليورو، سعر الدولار، سعر الدينار الكويتي، سعر الريال السعودي.