الأحد 08 سبتمبر 2024
الايام المصرية
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى

لاشك أننا أصبحنا نعيش في زمن إنفصل من يتعايشون فيه ساسه كانوا أو رموز مجتمعيه عن واقع الحياه ، حتى فيما هو قريب ، وتاهت الحقيقه بعد رحيل شهودها ، وإنكفاء الآخرين في ركن ركين بحثا عن السكينه والراحه ترفعا بعد أن أصبحنا في زمن الهزل ، والذى فيه ندرك قادة في دولاب العمل الإدارى ، والأجهزه ، وآخرون يدورون فى فلك  الحياه السياسيه ، والبرلمانيه والحزبيه  ينتمون لأجيال شبابيه ينعدم لديهم الخبره لإبتعاد العظماء أصحاب التاريخ طوعا حفاظا على تاريخهم النضالى ، وآدائهم المشرف ، فتاهت الحقيقه  وأمعن هؤلاء في قهر بعضهم بعضا عن قلة خبره منهم وإنعدام للفهم  ، حتى تقزم كل شيىء في واقعنا الحياتى ، ولأنه الوطن الغالى يتعين على من عايش وعاصر مامضى من  الأحداث أن يدلى بشهادته للتاريخ لتكون في معية الشباب وكل متصدرى المشهد السياسى وكذلك القائمين على أمر الأجهزه المعنيه ، لعلهم يستفيدوا منها في زمن إنعدم فيه الكفاءات ، ولعل مايجعلنى أتحدث بصدق أننى طوال عمرى أرصد المشهد حينا وأكون فاعلا فيه أحيانا إنطلاقا من وفديتى ، وإرادة الشعب التى أتت بى نائبا بالبرلمان وليس إنطلاقا من حضن السلطه الدافىء ، ويقين أن هذا الوطن الغالى يستحق من فيه حياه كريمه تحترم فيه الآدميه ، وينعم من فيه بالإستقرار .

أحمد الله على أننى وحتى اليوم وحتى كتابة هذه السطور الآن لم أكن يوما من الأيام ممارسا للعمل السياسى ، والنشاط الحزبى ، والأداء البرلمانى كنائب ينتمى للمعارضه الوطنيه ، إنطلاقا من مهادنه ممقوته ، متبوعه بتنفيذ مايملى على من تعليمات ، أو توجيهات تخالف قناعاتى السياسيه ، ومنهجى الفكرى الذى ينطلق من وطنيه حقيقيه قائمه على نهج إقرار الحقيقه حتى ولو تعارضت مع الإنتماء الحزبى ، وكذلك لم أكن يوما جزءا من أى منظومه إداريه أو حكوميه أو سياسيه مرجعيتها السلطه وما بها من مغانم كثيره ، رغم طبيعة عملى الصحفى التى تفرض  الإرتباط بهم جميعا كل فى حقبة تحملهم المسئوليه ، بل ويكون لى صداقات بداخلهم يفرضها الواجب الوظيفى كصحفى يبحث كل الوقت عن الحقيقه ،  والتناغم المجتمعى وكذلك الشخصى ، رغم تمسكى بممارسة السياسة من خندق المعارضه التى أتمسك بأنها يمكن أن تلعب دورا وطنيا حقيقيا يضيف لهذا الوطن الغالى كثيرا  إذا صدقت النوايا ، وتجرد من فيها من الأنا ، ومنحت مساحه حقيقيه من الحريه .

نعـــم .. لم أكن يوما من الأيام مشاركا في الحياه السياسيه إنطلاقا من أحزاب السلطه في فترة حكم السادات رغم أننى كنت أحد قادة الإتحادات الطلابيه ، أومبارك ، والإخوان ، الذين عايشتهم وعايشهم معى أبناء جيلى ، وكذلك الآن ، حتى وإن كان التنسيق أحيانا أراه أمرا ضروريا بين جميع الأحزاب وحزب السلطه خاصة فيما يتعلق بالمعارك السياسيه ، والتحالفات الإنتخابيه إسترشادا بما سبق وأن فعله زعيم الوفد فؤاد باشا سراج الدين فى الثمانينات عندما تحالف " الوفد " مع الإخوان فى الإنتخابات البرلمانيه ، وقائمة في حب مصر التي كانت تمثل السلطه والتى دشنها سيف اليزل سيرا على هذا النهج ، ولعل ماساهم في ترسيخ ذلك أننى منذ صبايا وفدى حتى النخاع وإلى اليوم ، سيرا على نهج أبى وجدى رحمهما الله تعالى ، وبعد ذلك فى شبابى عن قناعه  ، رغم مايمر به الوفد من منعطفات ليقينى أنه حزب يمرض لكنه لايموت ، تبقى هناك حقيقه يقينيه رصدتها ككاتب صحفى متخصص فى الشئون السياسيه والبرلمانيه والحزبيه ، وأدركتها كممارس للعمل السياسى من خندق المعارضه الوطنيه الشريفه والنظيفه حيث " الوفد " فى زمن الشموخ تتعلق بوضع حزب السلطه فى عهد السادات ، ومبارك ، والإخوان ، والآن ، مؤداها للإنصاف  أن حزب السلطه المتمثل فى الحزب الوطنى كان قادته ومتصدرى مشهده أكثر فهما ، وأعمق رؤيه وإتزانا ، وأروع أداءا ، وأفضل نهجا فى فتح جسور من التواصل مع كل الأحزاب ، قائمة على المشاركه وليس المغالبه ، والإستعلاء ، والتهميش الذى أدركته فى تعاطى حزب السلطه الذى خرج من رحم الإخوان ، وكذلك حزب السلطه الآن.

هذا قد يكون طبيعى لأن الحزب الوطنى كان يقوده فاهمين واعين ، وحزب السلطه أيام الإخوان كان يقوده هواه بلاخبره وليسوا محترفين ، بالضبط أيضا كما هو حزب السلطه الآن رغم أنه يضم كفاءات كثيره لكنهم ليسوا فى الصداره ،  كما أن نظام مبارك رغم نعته بالفساد طبعا بعد سقوطه إلا أنه كان أسمى وأجل من نظام الإخوان فى الثبات ، والرؤيه ، والإنقلاب على القناعات ، وليس  أدل على ذلك من هذا الإنقلاب المدوى لكثر من قادة الإخوان على ماحاولوا تصديره للناس من أفكار سنوات وسنوات ، حتى ترسخت حقيقه فى الوجدان.

لعله من الإيجابيات التى يتعين أن ننتبه إليها فيما يتعلق بأنظمة حكم السادات ، ومبارك ، والإخوان ، وحزب السلطه فى تلك الأنظمه ، أن ماتم رصده عن قرب ، خاصة فيما يتعلق بالمعارك السياسيه ، والمواجهات الحزبيه ، وصراعات الأنظمه كان الكاشف الحقيقى فيها قناعات الأشخاص فكريه كانت ، أو مجتمعيه ، أو حتى سياسيه ، يبقى أن من يتناول من هؤلاء تلك الوقائع التى أصبحت تاريخ يتعين أن يتجرد من قناعاته السياسيه والحزبيه ، ولايغلب إنتماءاته على مايطرحه لأنه منوط به التحليل والفهم والبحث فى أعماق الوقائع ، خاصة إذا كان من بينهم أصحاب أقلام فرضت مهنتهم أن يكونوا شهودا على العصر ، من أجل ذلك كان التجرد الذى ألزمت به نفسى  خاصة فيما يتعلق بتلك القضايا ، مسترشدا بالقاده الذين كان ينظر إليهم مريديهم على أنهم أعمق فكرا وأعلى شأنا وأصوب رؤيه . يبقى أيضا أن هذا التوضيح أراه واجبا إنطلاقا من تحليل دقيق ، ورصدا لواقع الحال ، خاصة مايتعلق بالقضايا الجوهريه التى كثيرا ماتشهد لغطا كبيرا فى الحياه السياسيه بين الساسه ، والمهتمين بالشأن السياسى ، والراصدين لأحواله ، وتطوراته ، وتداعياته من الأجهزه المعنيه كيف .. تابعونى.

تم نسخ الرابط