الدكتورة سحر الحسيني تكتب: درة تاج مسلسلات رمضان
بداية من التتر غناء الفنان محمد عدوية، وكلمات محمود فاروق وألحان إيهاب عبد الواحد
(أصل القدر غالب ومش مغلوب)
وتلخيص هايل جدا وبسيط للتسليم للقضاء والرضا بالقدر.
وصوت عدوية المناسب بحرفية شديدة للوجع والعند.
إكتشاف جديد فوق الرائع ليسر اللوزي، التي تمكنت جدا من الإمساك بخيوط المشاعر المختلطة والمركبة حب وكره،وخذلان وفقد للحلم على يد من أحبت، تعبيراتها ونقلها للشخصية قمة الروعة والسلاسة.
إياد نصار و تحول حتى ملامحه لكابوس من العند وإرضاء الذات وأنانية الإستحقاق.
ثم البساطة والعمق والتفرد ولغة العين وتعبيرات الجسد والنجمة أسماء ابو اليزيد.
لسان حال رجل الدين فى المسلسل عمرو القاضي و الذي وصل لمرحلة لايستهان بها من النضج فى التعبير والأداء الرائع والمقنع للمشاهد .
مديحة خلع وعودة للإعتراف ان المساحات لاتصنع أبطال، فعلى الرغم من المشاهد البسيطة لريم سيد حجاب إلا انها أثبتت انها محترفة تمثيل، وان جملة وحيدة بصدق وعمق تساوي بطولة.
نفس الشيء إستطاعه محمد السويسي وصل بمشاعره إلينا ليقنعنا بالصعيدي العاشق المكسور والظالم أيضا، بمنتهي السلاسة والصدق.
ثم العبقري محمد جمعه دكتور النسا الناقم على مجتمع جلاديه أكثر من منصفيه. وأنهى دوره بحوار فى النيابة أبدع فى تحول تعبيرات وجهه مابين السخرية من مجتمع غير منصف، لحزن وألم فقده لمستقبله وحريته وسمعته.
وتأتي نورا عبد الرحمن لتثبت جدارتها كممثلة أيضا معاد إكتشافها
ثم الممرضة هبة عبد الغني الغارقة فى الصراع مابين التمسك بمبادىء زوجها والحاجة المادية الملحة لأسرتها، ليظهر التمثيل طبيعي حد الصدق.
ومحمد الدسوقى وسلوى محمد على وعابد عنانى وصفاء جلال بتول حداد، وريام كفارنه
التصوير كان أكثر من مميز ورائع والإضاءة خدمت الأدوار بشكل جيد .
أما الإخراج فحدث ولاحرج
عن ذلك البطل (تامر نادي )صانع النجوم مكتشف الجديد ومعيد إكتشاف من سبق له العمل.
يقف بحرفية وراء الكاميرا ليصنع من كل من شارك بدور مهما كانت بساطته بطل بذاته، ليخلق عملا جميع مشاركيه أبطال .إمتلك المايسترو تامر نادي
الدقة فى تناول وتوظيف الإمكانيات، و نجح في إخراج أجمل مافي جميع من شارك بالعمل مع مراعاة تناسب السن والشكل والأداء لكل شخصية.
مسلسل لم يحمل أحد فيه لقب دور تاني أو دور تالت، فالجميع صف أول.
اما الموسيقي التصويرية والفنان الحساس جدا المبدع اشرف الزفتاوي.
فأبدع بموسيقاه ليخيط حبل متصل من الإبداع المنفرد الواعي جدا حيث أنه كان لديه لكل مشهد ميلاد نغمات جديدة فلم يقحم موسيقي مكررة ولا فى غير موضعها وكانه يضع كل مشهد تحت لافتة عزفه الصخب والعنف عند مشاهد الصراح والموسيقي الهادئة والحالمة وأيضا ابكى آلاته مع قهر ووجع ابطاله ..صنع اشرف الزفتاوى حالة خاصة جدا إرتداها كل مشهد لتكتمل لوحة الجمال.
ثم مسك الختام و العمود الفقري وسنام العمل الورق والكتابة.
والعبقري المؤتمن على الكلمة محمد هشام عبية
الذى برع فى نقل العمل من مجرد رقم فى عداد الأعمال الفنية لقيمة جمالية وأدبية رائعة.
ناقش موضوع شائك بحرفية وأمانة ومهنية وصدق .
غاص لعمق المرأة ونفسيتها ووقف بصدق عند كل شخصية طارحا للأزمات النفسية وأسبابها.
ثم فرد شبكة رائعة من الدراما مابين مجتمع قاسي جلاد ،
الخوف منه يدفع لألف خطأ ..ثم الناقم المعترض على قضاء الله وكيف تغلب شهوات النفس الإنسانية على نعمة الرضا .
ثم الحياة الصعبة بين التمسك بالدين والفقر. وإمكانية الوقوع فى ذنب رغم العلم التام بحرمانيته تحت تبرير الحاجة المادية .وهى أيضا من شهوات الدنيا.
محمد هشام عبية لم يضع السم فى العسل كما يفعل البعض، او ترك الموضوع مفتوح فيتبع كل متلقى هواه، ويعرض المشكلات لنتعاطف مع الأبطال ونستحسن زلاتهم وذنوبهم . بالعكس ادى أمانة الكلمة بصدق وتعامل شديد الخصوصية .
فى نفس لحظة إكتمال الأخطاء والذنوب( إيجار رحم, عمليات إجهاض مشبوهة, خيانات أمانةووووو) يبدأ العقاب ..عقاب السماء والأرض معا.
يعرض الكاتب رأي الدين والقانون
من خلال الشيخ جابر الذي ضحى بزوجته وسمعة أولاده، فقام بالإبلاغ عنها، و عن دكتور النسا، لإيمانه أن رضا الله هو الأبقي والأهم.
ويأتي رأي القانون بعد الحوار الجبار مابين دكتور النسا ووكيل النيابة الحوار الماستر الذي يضع ضمائرنا أمام عمق المشكلة.
هل الدافع للخطأ الخوف؟ و الخطأ المداوى بخطأ من المسؤول عنه؟
وهل الضعف الإنساني والإحتياج مبرر للخطأ؟
تعمد الكاتب التجميعة الهايلة فى نفس الوقت لمجتمع ظالم وأفراد منهم الطمعان ومنهم المضطر ومنهم المظلوم وحكم الشرع والقانون بوضوح جلي .
فتأتي النهاية بسجن طبيب النسا والمساعدة له،وموت طبيب التخدير لحظة ميلاد الطفل الذي ضحي بالشرع والقانون ليمتلكه. منحنا الرائع محمد هشام عبية
وقتا رائعا مفيد ومميز جدا لرؤية واقعية وإنسانية تستحق المتابعة ..كل جملة مكتوبة مكانها دون إخلال بزيادة او نقصان.
السمت الديني والأخلاقي متزن ومحترم ومدروس جدا..الكلمة أمانة، أجاد الكاتب توصيلها فأبهرنا .
وفى النهاية شكرا لعمل متكامل رائع .كل طاقمه أبطال تستحق الإشادة والشكر.