الأحد 08 سبتمبر 2024
الايام المصرية
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى

في أحد الأيام، منذ عدة عقود، ظهرت فكرة إنشاء "الهيئة العربية للتصنيع"، كأولى خطوات الوحدة العربية، في مجال الصناعات العسكرية، وبالفعل، تم إنشاء الهيئة في عام 1975، بتعاون بين مصر وقطر والسعودية والإمارات، في ذلك الحين، بهدف بناء قاعدة تصنيع دفاعي مشترك.

إلا أنه بعد توقيع مصر لاتفاقية السلام مع إسرائيل، وما أعقبها من طلب الدول العربية لتجميد عضوية مصر بالجامعة العربية، خرجت كل من قطر والسعودية والإمارات من هيكل مساهمي الهيئة، لتصبح الهيئة العربية للتصنيع مملوكة بالكامل لمصر. 


تمتلك الهيئة، حاليًا، 12 مصنعًا، ويعمل بها، نحو 20 ألف موظف وعامل، غالبيتهم من المدنيين، بينهم 1300 مهندس، تحت رئاسة اللواء مختار عبد اللطيف، كأول ضابط برتبة لواء يرأس الهيئة، بعدما كانت رئاستها، سابقًا ، للضباط برتبة الفريق، ممن أنهوا خدمتهم كرؤساء أركان حرب، أو قادة قوات، إلا أن كفاءة اللواء مختار عبد اللطيف، وإنجازاته أثناء رئاسته لشركة الكيماويات الوسيطة، خلال السنوات الماضية، جعلت السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، يختاره لتولي تلك المهمة الجديدة، في ضوء ما سيُسند للهيئة، في الفترة القادمة، من مشروعات صناعية، سواء في المجالات العسكرية أو المدنية، والتي من شأنها خفض الفاتورة الاستيرادية لمصر.

الهيئة العربية للتصنيع نجحت في تطوير مصنع سيماف

وقد نجحت الهيئة العربية للتصنيع، بالفعل، في تطوير "مصنع سيماف"، التابع لها، المتخصص في إنتاج عربات السكك الحديدية، بما يسمح له بإنتاج عربات مترو الأنفاق الجديدة، وفق أحدث التكنولوجيات والمعايير العالمية، وذلك لتوفير احتياجات مصر، من تلك العربات، في ضوء جهود التوسع في رفع كفاءة شبكة النقل والمواصلات، وبما يُغنيها عن استيراد عربات مترو الأنفاق، من الخارج. 


كما ستتولى الهيئة إنتاج أول سيارة كهربائية مصرية، بسعر تنافسي، لتشجيع المصريين على استخدامها في المستقبل، اتساقًا مع خطة مصر للتحول نحو الاقتصاد الأخضر، وبالإضافة لاستمرار الهيئة في إنتاجها العسكري، فستستمر كذلك في توفير إنتاجها المدني، القائم بالفعل، مثل اسطوانات الكلور، واللافتات المرورية، وأعمدة إنارة الطرق التقليدية، وأيضًا المعتمدة على الطاقة الشمسية، فضلًا عن أجهزة التليفزيون وعربيات الجيب الجراند شيروكي، وألواح إنتاج الطاقة الشمسية، المقرر التوسع في استخداماتها في المنازل والمصانع مستقبلاً. 
وفور تولي اللواء مختار عبد اللطيف، رئاسة الهيئة العربية للتصنيع، كلفه السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، بحصر كافة واردات مصر من الخارج، ضمن خطة مصر للعمل على تصنيعها محلياً، ليس فقط للوفاء بالاحتياجات المحلية، بل وأيضًا للتصدير. 
ومن هنا كان قرار إنشاء مجمع لصناعات الدواء والمعدات الطبية، لسد احتياجات مصر، المعتمدة على الاستيراد من الخارج، وكانت البداية بمصنع مشترك، مع واحدة من أكبر الشركات العالمية، لإنتاج مستلزمات جراحة العظام، والشرائح المعدنية، والمسامير الطبية، والمفاصل الصناعية، للإنتاج المحلي، وللتصدير، اعتمادًا على الاسم التجاري الكبير للشركة.


أما ثاني المصانع فمع شركة عالمية، أخرى، تعد الأكبر في العالم في تصنيع السرنجات الآمنة، ذاتية التعطيل، لتحقيق الاكتفاء الذاتي محليًا، وتصدير الفائض للخارج، باستخدام العلامة التجارية للشركة العالمية. 
ومن المقرر أن تكون باكورة إنتاج هذين المصنعين، في مطلع شهر يناير القادم إن شاء الله، فور الانتهاء من التجهيزات النهائية لخطوط الإنتاج. 
ولن يقتصر المجمع الصناعي على تلك المصانع فحسب، بل تم التخطيط ودراسة إقامة مصنعين جديدين، متخصصين في تصنيع وإنتاج مختلف أجهزة الأشعة، ومنها أجهزة الأشعة المغناطيسية، وأجهزة الأشعة المقطعية، وأجهزة الموجات الصوتية. 
ووصلت الهيئة لمراحل متقدمة في التفاوض مع الشركات العالمية المشاركة في المشروع، وجاري توقيع بروتوكولات التعاون والعقود الخاصة بالمصانع، للبدء فورًا ، في مراحل الإنشاء والترجمة وتركيبات خطوط الإنتاج، والانتهاء منها مع بداية العام القادم، وصولاً إلى الإنتاج الفعلي في نهاية عام 2025. 
كما نجحت الهيئة في اجتذاب شركة عالمية أخرى، للمشاركة في إنشاء مصنع جديد لحضانات الأطفال، لتوفير احتياجات المستشفيات والمراكز الصحية المصرية من ناحية، وتصدير نسبة من الإنتاج إلى الخارج، بدلًا من الاعتماد على استيرادها من ألمانيا أو الصين. 
نبعت فكرة المشروع من دارسة السوق، التي أثبتت الاحتياج المتزايد لتلك الحضانات، الناتج عن ارتفاع معدلات المواليد، على مستوى العالم، والحاجة إلى وضع نسبة منهم في الحضانات، فور ولادتهم، حتى لو كان الطفل كامل النمو، بسبب أعراض كثيرة تستدعي ذلك الأمر. 
كما أقامت الهيئة العربية للتصنيع مصنعاً آخر للخيوط الجراحية، التي كنا نعتمد، من قبل، على استيرادها من الخارج. 
وبهذا ستكون تلك المصانع، وغيرها المُقرر ضمها مستقبلًا، النواة الأولى لتأسيس مدينة متكاملة للصناعات الطبية، تقوم على خدمة مصر، ومحيطها الإقليمي، سواء في العالم العربي، أو منطقة الشرق الأوسط، أو أفريقيا، بهدف توفير كافة الاحتياجات من المعدات والأدوات والمستلزمات الطبية.

ليتأكد لنا انتهاج مصر لمنهج علمي مستدام، قائم على تحديد احتياجاتها، وتوفيرها محليًا، بالتعاون مع كبرى الشركات العالمية المتخصصة في مجالاتها، وما يتيحه ذلك من اجتذاب رؤوس الأموال الأجنبية، وتوطين الصناعة، ونقل التكنولوجيا والمعرفة، وتوفير فرص عمل للمصريين في صناعات كثيفة استخدام العمالة، من ناحية، فضلًا عما تحققه على جانب مواردها من العملة الأجنبية، بتقليل الفاتورة الاستيرادية من جهة، وتعظيم العوائد من العملة الأجنبية من خلال التصدير. 
وتستمر مصر في مواصلة مسيرتها نحو مستقبل جديد، مدعوم بالإنجازات التي تحققها مختلف مؤسسات الدولة الوطنية، وعلى رأسها الهيئة العربية للتصنيع، لتحقيق خطة التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030.

تم نسخ الرابط