الأحد 08 سبتمبر 2024
الايام المصرية
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
لواء دكتور سمير فرج
لواء دكتور سمير فرج

بدعوة من السيد اللواء بهاء السيد عبد الرحيم، مدير كلية ضباط الاحتياط في فايد، لمحاضرة طلبة الكلية عن تحديات الأمن القومي المصري، وجهود مصر لتحقيق الاستقرار، ويومها انطلقت بنا السيارة إلى مدينة فايد في منطقة قناة السويس، عاد بي شريط ذكريات فايد، هذه المنطقة التي قضيت فيها ست سنوات، في حرب الاستنزاف وأنا قائد سرية مشاة، برتبة ملازم أول في الخط الأمامي، للدفاعات المصرية على قناة السويس، وأمامي مباشرة على مسافة 200 متر، هي عرض قناة السويس "خط برليف" الإسرائيلي، نقطتان قويتان هما "التبة المسحورة"، و"موقع الملاحظة".

وهكذا اطلقنا عليهم هذه الأسماء، على موقع خط بارليف، ومع اقترابي ودخولي مدينة فايد، رأيت فجأة لافته "مستشفى فايد العسكري"، وعاد بي شريط الذكريات سريعًا إلى الوراء، لإلى تاريخ يوليو 1967 إلى فترة النكسة.

تم إجراء عملية الزائدة الدودية لي علي لمبة جار 

وأنا ضباط على الجبهة والعدو الأمامي، وفي موقعي حين جاء المساء، وشعرت بالآلام الشديدة، ولم يكن لدينا في الكتيبة سوى عربة جيب لقائد الكتيبة، فأرسلني بعربته إلى مستشفى فايد العسكري، لأدخل غرفة العمليات مباشرة لإزالة الزائدة الدودية، التي كانت قد انفجرت.

ولن يصدق أحد لقد اجريت لي عملية الزائدة الدودية، على أنوار مصابيح الجاز، لأنه لم يكن هناك كهرباء، وبسبب خطورة الموقف وانفجار الزائدة الدودية، كان يجب إجراء العملية بسرعة، دون الانتظار للصباح حيث نور النهار.

ودخلت غرفة العمليات، والمفروض أنها معقمة، لكن العملية كانت تجرى على فوانيس الجاز، لذلك بعد خروجي من العملية، وجدت أن فتحة العملية تشبه فتحة الولادة القيصرية، يومها قال لي الطبيب معلش، "ما فيش نور"، اعتمدنا على فانوس الجاز لأنها كان الموقف صعب، وعمومًا كانت ذكريات ومرت كأنها أمس.

وانطلقت نحو كلية ضباط الاحتياط، التي تعتبر من أهم صروح القوات المسلحة، ليس في مصر فقط، ولكن في العالم كله، لأن الضابط يتخرجون منها، لكي يتم العمل مع زميله خريج الكلية الحربية، في باقي وحدات القوات المسلحة، وللمصادفة إنني كنت قبلها بيوم في جامعة الزقازيق، لمناقشة رسالة الدكتوراة، وتقابلت مع السيد الأستاذ الدكتور خالد الدرندلي، رئيس جامعة الزقازيق، قبل بدء مناقشة الرسالة، وخلال الحديث أشرت أنني غدًا في ضيافة كلية ضباط الاحتياط في فايد، وهنا صاح قائلًا: تعرف أن كلية ضباط الاحتياط، هي التي أوصلتني هنا رئيسًا للجامعة، وكان سؤالي كيف?

وأجاب الدكتور خالد الدرندلي، رئيس جامعة الزقازيق، بقوله: عندما التحقت بالقوات المسلحة، ودخلت كلية الضباط الاحتياط ،وتخرجت منها ملازم، وتعينت في أكبر مستودعات الأسلحة والذخيرة في الجيش الثاني، وكنت أنا والقائد نتناوب القيادة، حقيقي تلك الفترة تعلمت منها الكثير، لقد تعودت من يومها الصحيان السادسة صباحًا، والمرور على الوحدة، كنت أقود ألف جندي، كنت لا أنام الليل وتوليت القيادة، وأنا في العشرينات، فتعلمت خلال هذه الفترة، معنى اتخاذ القرار والإدارة والمتابعة، واعتقد أن كل هذه الصفات، التي اكتسبتها من كوني ضابط احتياط، كانت أحد مصوغاتي لكي أنال شرف أن أكون رئيسًا لجامعة الزقازيق، التي تعتبر خامس جامعة الأن على مستوى الجمهورية.

ولذلك عندما دخلت من باب كلية ضباط الاحتياط، تذكرت كلمات الدكتور خالد الدرندلي، رئيس جامعة الزقازيق، في الأمس لأنني سوف أدخل مصنع الرجال، والقادة الجدد من القوات المسلحة، وليس للقوات المسلحة فقط، ولكن لمصر كلها.

وخلال مقابلتي مع السيد اللواء بهاء عبد الرحيم، مدير كلية ضباط الاحتياط، حكى لي انه قبل وصوله الي الكلية، كان قائدًا لإحدى الوحدات وتشكيلات القوات المسلحة في سيناء، التي كانت تحارب في معركة القضاء على الإرهاب، وحكى لي قصة أنه كان في مداهمة لأحد أوكار الإرهابيين، في منطقة بالقرب من القسيمة في سيناء، وخلال التقدم أصيب أحد جنوده واسمه جندي شهيد محمد صبحي، من كفر الدوار، التابعة لمحافظة البحيرة، وعندما وصلت لإليه للاطمئنان كان الجندي يلفظ أنفاسه الأخيرة.

ليقول لي الجندي عندما رآني قال لي: يا فندم ولا يهمك أنا خلاص هبقى شهيد، المهم يا فندم كمل، لازم نقضي على الارهابيين دول، ويكمل اللواء بهاء: وفي لحظات استشهد الجندي، وهو يعطي أوامره لقائده، يا فندم كمل الهجوم، يا فندم كمل، واستطرد قائلًا: عمرك شفت جندي يعطي الأوامر لضابط؟ هذا هو الجندي المصري العظيم.

وأعتقد أنه برواية اللواء بهاء، عادت لي ذكريات كثيرة في الماضي، عن عظمة الجندي المصري، خير وأجناد الأرض.

وبدأ اللواء بهاء، مدير الكلية كلية ضباط الاحتياط، يروي قصة تطوير الكلية خلال عام ونصف، والحقيقة إنني لم أصدق الصورة التي عليها الكلية الأن، تم تطوير أماكن مبيت الطلبة بصورة رائعة، وأماكن تناول الوجبات، التي نطلق عليها الميس، وكأنك في فنادق خمس نجوم، ثم مناطق التدريب، على أعلى مستوى احترافي للفرد المقاتل، حتى معامل اللغات التي يتدرب عليها الطالب على اللغة، التي سيتعامل بها بعد تخرجه، ومثال الضابط الذي سيلتحق بسلاح الدفاع الجوي، ورغم أنه خريج كلية الهندسة المصرية، لكنه يدخل معمل اللغات، لكي يتعلم مصطلحات اللغة الإنجليزية، ليستطيع قراءة كتب استخدام الصواريخ المكتوبة باللغة الإنجليزية، وعمليات الصيانة والتشغيل.

كذلك كانت زياراتي لمستشفى الكلية، المزودة بأحدث الاجهزة والمعدات، وبالطبع وجود الأطباء المجندين، ساهم على أن تقدم المستشفى، كافة أنواع الرعاية الطبية للطلبة، وكانت ميدان التدريب للياقة البدنية، وحمام السباحة، وقاعات تدريب التكتيك وفنون القتال.

حقيقي على أعلى مستوى، مستخدمه أساليب العصر الحديثة، من شاشات إلكترونية ومفاهيم علمية حديثة، كذلك مكتبة رائعة تضم كافة الكتب العلمية، والثقافية، والتاريخية، كذلك الاتصال عن طريق الانترنت، بباقي المكتبات العالمية، وعندما إعرض ذلك الأمر الأن هنا، فإنني أريد أن أوضح لكل عائلة مصرية، سوف يلتحق ابنها بالقوات المسلحة، وبالذات هذه الكلية، سوف يجد مستوى معيشة لائقة وكريمة، يسعد كل أسرة أن ابنها يعيش في ذلك المستوى الحضاري، أما النقطة الثانية، فإنه يجب على الشعب المصري، أن يكون فخورًا ومطمئنًا أن القوات المسلحة، تدرب ابنائها على أعلى مستوى من الاحترافية القتالية، وهذا هو المثال لضابط الاحتياط.

وحان موعد اللقاء، وحاضرت الطلبة بموضوعات الأمن القومي، والأبعاد التي تهدد مصر، ودور القوات المسلحة في تأمين البلاد، حقيقةً كنت سعيدًا وأنا أناقش الطلبة، وكلهم من خريجي الجامعات، في كافة الموضوعات التي تهم مصر والمصريين.

وفي النهاية غادرت مبنى كلية ضباط الاحتياط، وكلي سعادة وثقة في الله وفي قواتنا المسلحة، أن أفراد القوات المسلحة أصبحوا، على أعلى مستوى من الكفاءة القتالية، للدفاع عن مصرنا الحبيبة.

تم نسخ الرابط